استقالة عبدالحميد : ما الأمر الجلل؟!!

مع استقالة السيد عبدالحميد عبدالمجيد عبدالحميد شومان (وأبنائه) من بنك العروبة (البنك العربي) جاءت عناوين الصحف: “عائلة شومان تغادر البنك العربي بعد 82 عاما”!!!

 

اليوم، أكتب باعتباري “شاهدا على كل العصور الشومانية”، بل أنني –في ضوء الحقائق التالية – وجدت من المناسب –بل من الواجب- الإدلاء بدلوي عسى أن يكون في ذلك تصحيح للوقائع:

 

  1. البنك الذي أسسه عبدالحميد شومان الأول (وصحبه الذين يجب أن يذكر، دوما، فضلهم) أصبح بنك العروبة بأسرها، بعد أن تجاوز الحدود الأردنية والفلسطينية، بل وتجاوز الحدود العربية فاحتل موقعه المناسب على الخريطة العالمية،

  2. عرفت المؤسس الفذ عبدالحميد، وابنه المرحوم عبدالمجيد الذي قاد البنك على مدى سنين طويلة، والابن الثاني خالد شومان الذي كان –رحمه الله- القائد الحقيقي المبدع لكل ما اتصل بالبنك على صعيدي العصرنة والأنسنة على مدى (39) عاما، وعرفت أيضا عبدالحميد “الثاني” منذ أن كان “عبود” يوم التحاقه بجامعتنا الأمريكية في بيروت في مطلع ستينات القرن الماضي (والألفيةالسابقة)!!!

  3. عملت، على مدى (13) عاما، مؤسسا ومديرا عاما لمؤسسة عبد الحميد شومان (بعد مربي الأجيال المرحوم عبدالرحمن بشناق).

 

على ضوء ذلك، أجدني أعترض على العناوين الصحفية آنفة الذكر، وأقول: لقد غادرت عائلة شومان، فعليا، البنك منذ دبّ الخلاف داخل العائلة فتم إقصاء المبدع (خالد) ظلما وتعسفا من موقعه السامي وأيضا (ويا للعيب) من ذاكرة وتاريخ البنك، مع محاولات مفجعة (لكن –لحسن الحظ- فاشلة) لإقصائه حتى من تاريخ “العائلة”!!!. ومنذئذ، ومع افتقاد الملايين للخالد (خالد) لم يفقد البنك (خالد) فحسب، بل فقط أيضا روحه وعقله.

 

والآن، ما الأمر الجلل في استقالة السيد عبدالحميد؟ وفي الأصل، لماذا كان يجب جعل “حق” الوراثة “حقا مضمونا” للابن بعد الأب، وللحفيد بعد الأب؟!! وهل هذا أمر جائز في المؤسسات العالمية (كما هو البنك العربي)؟!! وطالما الحال كذلك، أليس من حقنا التساؤل: أين، إذن، الحكم الرشيد، والمأسسة والحوكمة وغير ذلك من قيم إدارية نموذجية؟!! ثم لو أن تعيين السيد عبدالحميد “الثاني” جاء استنادا إلى كونه مالكا لخمسين بالمئة فأكثر من أسهم البنك، لقلنا أنه “حق الملكية” ولربما فهمنا ذلك!! ولو كان السيد عبدالحميد “الثاني” منقطع النظير في كفائته (مثل جده وعمه ووالده على سبيل المثال) لفهمنا –ربما- ذلك!!! ثم لماذا نقبل منه (ومن غيره) تعيين الأولاد وتسييد أفراد من العائلة المباشرة؟!!

 

أما اليوم، وباعتباري قد أصبحت مساهما في البنك (بعد أن ورثت مؤخرا بعض الأسهم عن والديّ رحمهما الله) فإنني لا أخشى على “بنكنا” العربي لأنه –رغم ملاحظات عديدة عليه وعلى أدائه خاصة مؤخرا- لا يزال مؤسسة يعتز بها بفضل مجموع إدارته ومجموع العاملين فيه وطبعا فضل مؤسسيه الأوائل. وفي ظني، أن البنك العربي (رغم جهلي بكل ما له علاقة باستثمار المال وإدارته) سيبلي بلاء حسنا في قادم الأيام … وبخاصة إن قررت الإدارة اختيار السيد صبيح المصري رئيسا جديدا (لما يتمتع به الأخير من قدرات وعلاقات مشهود له فيها) وبالذات إذا ما اختار الأخ صبيح إعطاء البنك ما يحتاجه من وقت.

 

ختاما، اللهم لا شماتة، لكن: أوليس الخير كله يتأتى من الحوكمة، والمأسسة، والحكم الرشيد؟ أوليست هذه الخلاصة هي –في الجوهر- الإنجاز الأكبر –وربما الوحيد- لما أصبح يسمى “ثورات الربيع العربي”؟!