حكومة (نتنياهو): “دولة الاستيطان” مقابل “دولة فلسطينية”؟

معروف أن الدولة الصهيونية هي أداة تنفيذية للمشروع الاستعماري/ “الاستيطاني”/ الإحلالي/ العنصري في فلسطين التاريخية. وتظهر التقارير الاسرائيلية، التي يرصدها “المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان”، كيف تقوم حكومة (بنيامين نتنياهو) بالإستيلاء على أملاك الفلسطينيين ونقلها لجمعيات المستعمرين/ “المستوطنين”، مبينة علاقة تكاملية بين مؤسسات الدولة الصهيونية ومنظمات/ جمعيات المستعمرين/ “المستوطنين”. وهذه المنظمات/ الجمعيات المتطرفة، وبحسب (ساره يائيل هيرشهورن) من جامعة “اكسفورد”، نفذت نحو 40 جريمة مبعثها الكراهية استهدفت فيها كنائس ومساجد وأديرة في فلسطين 48 والضفة الغربية منذ عام 2009. وتضيف: “إن عدد مثل هذه الجرائم في ارتفاع مطرد”. وهذا الاستنتاج تأكدت صحته لاحقا. وهذه الأيام، يتحدث أعضاء هذه المنظمات/ الجمعيات اليمينية المتطرفة بقدر أكبر من العلانية عن آرائهم. وقد وصل الأمر بزعيم جماعة ليهافا “منظمة معادية للعرب” (بنتسي جوبشتاين) أن وجه كلمة إلى البرلمان الإسرائيلي “الكنيست” معترضا على إضاءة شجرة لعيد الميلاد في القدس باعتباره محاولة لتحويل اليهود عن دينهم.

في معرض وصفه لهذه الجماعات المتطرفة آنفة الذكر ولقوتها، يستخلص المحلل الإسرائيلي السياسي (آري شافيط): “مع السنوات، تحولوا إلى قوة سياسية، تحريضية فظّة، وقوية تتصرف بصورة غير حكيمة ومن دون كوابح. هؤلاء الذين يدعون الحرص على أرض إسرائيل يخدمون كبار أعداء الوطن عبر محاولتهم خلق كيان سياسي ثنائي القومية سيكون فيه اليهود أقلية. وهم في الوقت عينه يدمرون قيماً (ديموقراطية) ويحطمون معايير (حكم سويّ) وينشئون مجتمعاً منقسماً وخائفاً يتعامل بعداء مع الأغراب”. ويختم (شاليط) بقوله: “التهديد الاستراتيجي الحقيقي في سنة 2016 هو تهديد داخلي: إنه الفراغ الفكري والذاتي والقيادي الموجود في مركز حياتنا”. ومن جهتها، وفي افتتاحية لصحيفة “هآرتس”، بعنوان “حكومة المستوطنين”، تناولت الصحيفة مسألة الاستعمار/ “الاستيطان” بالقدس بالذات فأفادت: “هدف المستوطنين جعل كل محاولة لتقسيم القدس صعبة علاوة على عرقلة أي فرص لتسوية سياسية. إن الخضوع للمستوطنين تحت غطاء البيروقراطية يجب أن يتوقف. ويتعين على الحكومة أن تكون شفافة بشأن نقل الأملاك إلى جمعيات المستوطنين. كما يجب على موظفي الحكومة العمل وفقاً لما فيه مصلحة الجمهور، وليس من أجل إرضاء القيادة السياسية المنحازة إلى المستوطنين”.

بالمقابل، يتحين “المستوطنون” الفرص لتنفيذ مخططاتهم بأيديهم، بعد أن أوجدوا لأنفسهم بنية تنظيمية شعبية، وبعد أن تعمق لديهم خطاب صهيوني ديني يبرر التطهير العرقي والديني، مستغلين وجود ممثليهم في الحكومة وزيادة عددهم في الجيش. فـ (نتنياهو) ملتزم في حكومته مع كتلة أحزاب “المستوطنين” بزعامة “البيت اليهودي” بابقاء وتثبيت السياسة الاستيطانية ويشجع نهب الأراضي وتسمين المستعمرات وبؤرها المنتشرة، مستمرا في محاولاته انتزاع اعتراف فلسطيني بشرعية “الاستيطان” وبخاصة الكتل الكبيرة”. وعن علاقته وخضوعه “للمستوطنين” كتبت “هآرتس” تقول: “دعم نتنياهو للاستيطان إعلان يجسد أكثر من أي شيء آخر ازدواجية لغة نتنياهو، ويثبت أن ما يقوله منوط إلى حد بعيد بالشخص الذي يتحدث إليه. فبعد التصريحات المرنة التي صدرت عنه أمام الإدارة الأميركية أثناء زيارته للولايات المتحدة، حيث تباهى بسياسته المعتدلة التي يطبقها خلف الخط الأخضر، وشدد على التزامه بحل الدولتين، عاد نتنياهو إلى إسرائيل وخضع ليمين المستوطنين الذي يضغط عليه لمواصلة البناء وراء الخط الأخضر”. و(نتنياهو) هو الذي صادق مؤخرا ووزير “دفاعه” (موشي يعلون) على تحويل نحو 1500 دونم من الأراضي الفلسطينية ضمن المنطقة (ج) جنوب مدينة أريحا إلى “أراضي دولة” تمهيدا لمصادرتها وضمها “للمستوطنات” في المنطقة، فضلا عن رضوخه لرغبات “المستوطنين” في استيلائهم على منازل سواء في القدس أو الخليل.

كذلك، يزداد الدعم الرسمي الذي تقدمه الجهات الحكومية الإسرائيلية متمثلة بالحكومة والكنيست “للمستوطنات”. وقد ذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” مؤخرا أن هناك “اقتراحا جديدا تم التقدم به للنهوض بالمستوى الاقتصادي للمستوطنات الإسرائيلية الواقعة ما وراء الخط الأخضر في كافة المجالات الصناعية والانتاجية والسياحية والزراعية”. وأضافت الصحيفة أن “قطاع الصناعة الخاص بالمستوطنات الإسرائيلية سيشهد ازدهارا كبيرا بفضل ما وصفته “بالتسهيلات غير المسبوقة” التي أقرتها الحكومة لمستوطنات والاعفاءات الكبيرة وذلك بهدف النهوض اقتصاديا بمجتمعات المستوطنات”. كما أوضحت الصحيفة أن هذا القرار “جاء بسبب جهود حكومية إسرائيلية لدعم المستوطنات وتصحيح (ما أسموه) بحالة الغبن التي شهدتها هذه المناطق بفعل الأحداث الميدانية المتلاحقة فيها وهو ما يستوجب على الحكومة أخذه بعين الاعتبار”.

ومؤخرا، تكاثرت المقالات الإسرائيلية عن استمرار توغل المستعمرين/ “المستوطنين” في معظم مفاصل الدولة الصهيونية، سواء كانت تشريعية أو حكومية أو حتى داخل المؤسسة العسكرية/ الأمنية الإسرائيلية.

وفي ضوء ذلك كله، ليس عسيرا الاستنتاج بأن حكومة (نتنياهو) ماضية، فعليا، في خلق “دولة المستوطنين” ليس داخل الدولة الإسرائيلية فحسب، بل جعلها بديلا عن “الدولة الفلسطينية”!!!

التعليق ( 1 )
  1. موسى محمد حمودة
    26 فبراير، 2016 at 4:40 م

    ما هو الرد الأمثل على دولة الكيان الصهيوني؟
    نحن شعب واع لدينا قدرات هائلة غير أنها غير موجهة و مصوبة.
    قيادة بائسة تعمل بالإتجاه المعاكس تضمنةمصالحها الضيقة، و وضع عربي و إسلامي جاهلي إن صح التعبير.
    نحتاج لنهضة شاملة تبدأ عندما يتخذ قرار من فلسطينيو النخبة بالتضحية و الإستغناء عن حب الذات و البدء باجتثاث الداء الداخلي.