محرك “سيارة الحكم” عند نتنياهو

في “إسرائيل” الوضع السياسي هش، والحكومة قد تسقط قريبا، والاقتصاد في أزمة لا سابق لها، ووباء كورونا يتقدم، وذلك مع قرب انتخابات رئاسية أمريكية تشير استطلاعات الرأي أن الفشل فيها سيكون من نصيب (دونالد ترامب) الداعم الأكبر للسياسة اليمينية الإسرائيلية المتطرفة. أيضا، دون الالتفاف للكلف الباهظة التي يتحدث عنها العالم أجمع، ما زال رئيس الوزراء الإسرائيلي (نتنياهو) يدفع من أجل تنفيذ ما “لعملية ضم” أراض في الضفة الغربية، رغم تصاعد للأصوات ترى في “العملية” رهانا خطرا يمس أمن “إسرائيل”، وأن نتائج “الضم” يمكن أن تكون كارثية ولا رجعة عنها.

في السياق، يعيد سياسيون ومحللون إسرائيليون بارزون إصرار (نتنياهو) على تطويل “لعبته” بخصوص “الضم” إلى رغبته بتجنب المواجهة القضائية التي يدور دائخا في فلكها منذ وجه له القضاء الإسرائيلي في تشرين ثاني/ نوفمبر 2019 تهما بالفساد في ثلاث قضايا، وهو الذي عجز طيلة معركته، مع الشرطة والقضاء الإسرائيلي، على استصدار تشريع في “الكنيست” (البرلمان الإسرائيلي) يعطيه الحصانة.

يقول المحلل العسكري الإسرائيلي البارز (عاموس هرئيل): “وراء خطوة نتنياهو توجد أيضاً خلفية أيديولوجية: رئيس الحكومة، وصاحب الولاية الأطول كرئيس للحكومة في تاريخ الدولة، يبحث عن خطوات تخلد إرثه التاريخي. لكن، من الصعب فصل خطة الضم عن البند رقم واحد في جدول أعمال نتنياهو – جهوده للتملص من الإدانة والسجن. بهذا المعنى، الضم هو مناورة أُخرى للبقاء، شأنها شأن سائر الخطوات الأُخرى التي تدرسها أوساط نتنياهو، مثل: إعلان انتخابات رابعة من خلال استغلال ثغرة في الاتفاق الائتلافي تتعلق بإقرار ميزانية الدولة؛ الترشح لرئاسة الدولة – أو في سيناريو متطرف دعم ترشيح يتسحاق هيرتسوغ للرئاسة، على أمل التوصل إلى صفقة عفو في مقابل الانسحاب”. ومن جانبه، قال المحلل السياسي المعروف (تسفي برئيل): “نتنياهو الذي جنّد قبل الكورونا كل قدراته لتدمير مؤسسات الديمقراطية وتصنيف اليسار والوسط كأسوأ أعداء إسرائيل، وإقصاء العرب في إسرائيل، والتحريض ضد جهاز القضاء، وسن قوانين عنصرية، لديه أرنب واحد في قبعته – إجراء انتخابات، مستغلاً الخلاف الذي لم يُحَل بشأن الميزانية. لكن الانتخابات خطوة خطرة، وخصوصاً إذا جرت في تشرين الثاني/ نوفمبر. الكورونا لا تزال هنا، الجروح عميقة ومكشوفة، الضرر الاقتصادي هائل، الليكود متصدع، والقاعدة تُظهر بوادر تمرد، ومحاولات تعبئة الجمهور من خلال رعب الوباء باءت بالفشل – الثقة به صفر”. وبكلمات قاطعة لرئيس الموساد الأسبق (شبتاي شفيط): “نتنياهو، سيجد سلما للنزول عن شجرة مخطط الضم، وربما على شكل اتهام شريكه في الحكومة، بيني غانتس، بإفشال تنفيذ المخطط”. وأضاف: “لن يكون هناك ضم، المخطط ليس على رأس سلم أولوياته. والأمر الأول في سلم أفضلياته هو كيف يرجئ ويغلق محاكمته. قرارات نتنياهو، وخاصة الآن فيما أحد ساقيه في المحكمة، هي قرارات تكتيكية، مرتبطة بمحاكمته (بمخالفات فساد)”. وفي هذا كله، يتجسد محرك “سيارة الحكم” لدى (نتنياهو).