المقدسي يتمسك بفلسطينيته
وحدهم، وعلى أكثر من جبهة، ودون سند استراتيجي حقيقي، يواجه المقدسيون معركة الصمود والتحدي في مواجهة سياسة التهويد الصهيونية لكل ما يتعلق بوجودهم وحضورهم. كذلك، وحدهم تقريبا، يواجهون سياسة أميركية مع انحياز إدارة الرئيس (دونالد ترمب) للاحتلال الإسرائيلي، رسخته، زعما وزورا، وزارة الخارجية الأميركية في تقريرها السنوي حول حقوق الإنسان في العالم، حين أسقط التقرير صفة “الفلسطيني” عن سكان شرقي القدس المحتلة.
مؤخرا، كشفت سلسلة استطلاعات أميركية هي الاحدث، أن فلسطينيي القدس المحتلة، يريدون المواطنة الفلسطينية وليس الإسرائيلية على عكس ما كان عليه الحال في السنوات السابقة حين كانت النتائج تشير الى”تفضيل” المقدسيين المواطنة الإسرائيلية بسبب وجود وظائف ودخل ورعاية صحية أفضل وغيرها من المزايا الاجتماعية الأخرى، كحرية السفر وما شابه ذلك.
الاستطلاعات الأميركية الاحدث آنفة الذكر ادارها “معهد واشنطن” بالتعاون مع خبراء استطلاعات فلسطينيين، وأشرف عليها الباحث في المعهد الدكتور (ديفيد بولوك). وقد أجريت الاستطلاعات خلال العامين الماضيين وأيضا في شهري كانون الثاني/ يناير وشباط/ فبراير من العام الحالي. وبحسب (بولوك) الخبير باستطلاعات مواقف الفلسطينيين (في القدس المحتلة منذ العام 2010) فإنه خلال الأعوام 2010 – 2015، كان الكثيرون من المقدسيين يفضلون المواطنة الإسرائيلية لأسباب عملية ومن دون علاقة للهوية الذاتية أو الأيديولوجية. “لقد أرادوا إمكانية مريحة أكثر من أجل الحصول على العمل والتعليم والصحة والرفاه والشروط الاجتماعية، وحتى للوصول إلى شاطئ البحر. لكن في الأعوام الخمسة الأخيرة طرأ تغير دراماتيكي، وأنا كخبير استطلاع لم أشهد مثله أبدا. فجأة انخفضت نسبة الذين يفضلون حمل المواطنة الإسرائيلية من 52% إلى 15%”. وتطرق (بولوك) إلى أسباب هذا التغيير، قائلا: “ثمة أجوبة على ذلك يوفرها الفلسطينيون أنفسهم: أولا، انتفاضة السكاكين التي بدأت في تشرين الأول/ أكتوبر 2015 واستمرت لسنة ونصف السنة ورد الفعل الإسرائيلي الشديد حسبما شهدوه بمشاعرهم الوطنية. ثانيا، التوتر حول المسجد الأقصى. ففلسطينيو القدس الشرقية، وكذلك في الضفة الغربية، مقتنعون بأن إسرائيل تشكل تهديدا على الأقصى”. وأضاف (بولوك): “الدافع الثالث هو النشاط المتزايد ضد إسرائيل في القدس الشرقية من جانب السلطة الفلسطينية، حماس، الحركة الإسلامية الشمالية، وجهات أخرى. كما أن حقيقة أن 150 ألفا من الفلسطينيين في القدس الشرقية يعيشون اليوم خلف جدار الفصل، وإمكانية حصولهم على الخدمات الإسرائيلية متاحة بشكل أقل، تؤثر على التغيير البالغ في مواقفهم”.
وفي الختام، لخص الكاتب الإسرائيلي (نداف شرغاي) الأمر برمته قائلا: “نتائج الاستطلاعات جاءت صادمة لمعديها، الذين قالوا إنهم “لم يسبق لهم كمستطلعين أن رأوا مثلها أبدا”. لكن ما لفت الانتباه أكثر من ذلك، أن غالبية الفلسطينيين في القدس يفضلون أيضا “استعادة كل فلسطين التاريخية للفلسطينيين، من النهر إلى البحر، بدلا من إنهاء الاحتلال والتوصل لحل الدولتين”.