المرأة الفلسطينية: عيد بأي حال عدت يا عيد؟!

في فلسطين، لعيدي الأم والمرأة اللذين يصادفان في آذار/ مارس من كل عام، نكهة عطرة ولو حزينة وموجعة في كثير من الأحيان. فالمرأة الفلسطينية تحمل ابنها/ ابنتها مرتين: مرة في بطنها وهي حامل، ومرة ثانية وهي تحمل الجثمان إلى المقبرة إثر الاستشهاد. وهذه خصوصية جاءت بفعل استمرار الاحتلال الإسرائيلي منذ ما يقرب من 75 عاما، سجل تاريخ المقاومة الفلسطينية خلالها حكايات عديد «الخنساوات» الفلسطينيات بأحرف محفورة في الضمير والوجدان، تحمل في خصوصيتها مدى النضج الوطني في المجتمع الفلسطيني، وتحكي كل واحدة منهم حكايات وملاحم بطولية وتضحيات. فالأم/ المرأة إلى جانب الرجل تقوم بدورها النضالي في مقاومة الاحتلال، وتلجأ مع الرجل، لكافة أشكال النضالات المتعددة في سبيل تحسين شروط الحياة المعيشية والتصدي لسياسات القمع والبطش الإسرائيلية. ومعروف للكثيرين تلك الحالات التي استشهد للأم الواحدة أكثر من ابن وابنة، وسجن باقي الأبناء في غياهب السجون، مع استشهاد الزوج قبل كل ذلك في بعض الحالات.

وقد سجلت الأم والمرأة الفلسطينية منذ بدايات الصراع مع الدولة الصهيونية، عبر المسيرة النضالية للشعب الفلسطيني علامة فارقة في الثورة الفلسطينية، ولعبت دورا في التصدي للاحتلال.

حملت المرأة السلاح وخبأته، ونظمت المظاهرات والاحتجاجات، فاستشهدت، وجرحت، وأسرت، وأبعدت. لكن كل ذلك لم يثنها أو يحبط عزيمتها، فيما تستمر، بين الحين والآخر، هجمة إسرائيلية مسعورة ضد الأسيرات الفلسطينيات تحت ذرائع وحجج متعددة، حيث يواجهن في معتقلات الاحتلال ظروفا اعتقالية قاسية وصعبة جدا، ويتعرضن منذ لحظة اعتقالهن إلى الضرب والإهانة والشتم، وتمارس بحقهن كافة أنواع التضييق النفسي والجسدي.

وقد أصدر نادي الأسير الفلسطيني، تقريرا بمناسبة يوم المرأة، قال فيه إن «31 أسيرة فلسطينية يقبعنّ في سجن «الدامون» الإسرائيلي، بينهن 10 أمهات، وأن إدارة سجون الاحتلال، تحرم أطفال وأبناء المعتقلات الأمّهات من الزيارات المفتوحة، ومن تمكينهن من احتضانهم، عدا عن حرمان البعض منهن من الزيارة، أو عرقلتها في كثير من الأحيان، يرافق ذلك استمرار رفض إدارة السّجون توفير هاتف عمومي لهنّ، رغم المطالبات المستمرة منذ سنوات».

لقد أدركت الأم/ المرأة الفلسطينية مسبقا أنها بحق نصف المجتمع وأن عليها أن تبقى واقفة شامخة كحد السيف صامدة في وجه الظلم والقهر، رغم تجرع الألم والمهانة والاعتداءات الجسدية سواء داخل السجون الإسرائيلية أو على الحواجز، من أجل فلسطين جادت بالزوج والابن والحبيب بل وضحت بالروح.

ومع وصول الأم/ المرأة الفلسطينية إلى درجة من النضج الفكري والوعي السياسي أدت إلى إدراكها لأهمية النضال من أجل الوطن، برزت صورة المرأة الفلسطينية المضحية الشجاعة، الموْمنة بعدالة قضيتها، واستطاعت إثبات قدرتها على التفاعل مع مسيرة الشعب الفلسطيني النضالية واتسع نشاطها العسكري والسياسي والاجتماعي فاكتسبت هذه المكانه المميزة في تاريخ نضال المرأة العربية والعالمية.