نصف الإسرائيليين (أم أكثر) ضد (نتنياهو)؟

بمتابعة مسيرته السياسية منذ أن كان زعيما للمعارضة، ومعاداته لتيار أوسلو، واسترداده قيادة الليكود ثم تسلمه رئاسة الوزراء عام 2009 وحتى الآن، لم تعرف الدولة الصهيونية مثل (بنيامين نتنياهو) الذي احترف تشكيل التحالفات وجذب الأحزاب الصغيرة والتنظيمات اليهودية المتشددة (ومنها الإرهابية حسب التصنيف الرسمي الإسرائيلي) لتثبيت حكمه. وبذلك، استطاع تحقيق لقب رئيس الوزراء الأطول خدمة في “إسرائيل”، رغم أنه – ومنذ سنوات خلت – متهم بالفساد حيث يواجه ثلاث قضايا هي الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة.

ورغم “إنجازاته”، تؤكد وقائع الحياة السياسية الإسرائيلية أن نصف المجتمع الإسرائيلي، بل أكثر، هم ضد (نتنياهو)، حتى لو استطاع تشكيل حكومة مقبلة. فهو، بعد أقل من أسبوعين، ستبدأ محاكمته التي ستحسم مسيرته السياسي، اللهم إلا إذا نجح في تطبيق “القانون الفرنسي” الذي يقضي بعدم محاكمة المسؤول أثناء ولايته.

والإفتراض بأن أكثر من نصف المجتمع الإسرائيلي ضد (نتنياهو) تؤكده إعادة الانتخابات للمرة الثالثة، في ظل مخاوف من إمكانية تكرار ذات السيناريو الذي حدث في الجولتين الانتخابيتين السابقتين وإمكانية الذهاب نحو جولة انتخابية رابعة بسبب تعذر تشكيل الحكومة. فلقد فشل (نتنياهو) في نيسان/ إبريل 2019، وفي أيلول/ سبتمبر 2019 في الحصول على عدد المقاعد الكافي لتشكيل ائتلاف حكومي حتى مع دعم الكتل اليمينية المتطرفة، الدينية والقومية، التي هي في الأساس عبارة عن مكونات حزبية دينية انتهازية اشتراطاتها لدعمه تتمحور في قناعة (اليمين) بأن (نتنياهو) القادر على تحقيق مصالحهما المرتكزة على حلم فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، والتي هي تاريخيا، بزعمهم، أرض يهودية (يهودا والسامرة) ولا بد من “عودتها” “لدولة إسرائيل” مع طرد الفلسطينيين وصولا لدولة يهودية “نقية” لا وجود للعرب فيها. وعليه، يبقى أن “الليكود” وأنصاره هم فقط من ليسوا ضد (نتنياهو) ومسألة دعم كتل اليمين الفاشي نابعة من “إيمانها” بأنه دون غيره القادر على التعاطي مع انتهازيتهم السياسية وأن الكراهية والعنصرية تجمع بينهم. فبحسب (نتان إيشل) الرئيس السابق لطاقم مكتب رئيس الحكومة: “الكراهية هي من يوحد معسكر اليمين. الجمهور الذي نتوجه إليه، حتى غير الأشكنازي، يكره كل شيء. لقد استطعنا أن نستثير شراسته (جمهور هدف الليكود)، هذه الكراهية هي ما يوحد معسكرنا”.

وفي مقال لافت للكاتب الإسرائيلي الجريء (جدعون ليفي)، كتب يقول: “نصف إسرائيل يكره نتنياهو مثلما لم تكره إسرائيل رئيس حكومة. كراهية نتنياهو هي كراهية مرضية في أبعادها تنبع بالأساس من نمط حياته ومحاولاته السخيفة للهرب من المحاكمة، ليس من سياسته أو من مواقفه فحسب”. مسألة كره (نتنياهو) ليست كرها شخصيا، وإنما لشخصيته وفساده وغطرسته وغروره، بل إن النخب السياسية في إسرائيل، لا تكره (نتنياهو) فحسب، وإنما باتت تكره كل ما يمثله من قيم هابطة وممارسات عنصرية.