لماذا الانتخابات الإسرائيلية المبكرة؟

عديدة هي الأسباب التي أدت إلى موافقة قادة “الائتلاف الحكومي” الإسرائيلي على إجراء انتخابات مبكرة في نيسان/ إبريل القادم: أول هذه الأسباب ما أعلنه “الائتلاف” بخصوص الأزمة مع الأحزاب الدينية التي ترفض مشروع قانون رئيسي متعلق باليهود المتدينين (الحريديم) الذين يرفضون الخدمة في الجيش الاسرائيلي. وثاني الأسباب أزمة استقالة وزير “الدفاع” (افيغدور ليبرمان) الشهر الماضي وانسحاب حزبه “إسرائيل بيتنا” من الائتلاف الحكومي حتى باتت غالبية ائتلاف (نتنياهو) تقتصر على مقعد واحد في الكنيست. وثالث الأسباب، وربما أهمها، في قرار التوجه إلى انتخابات مبكرة مرتبط، بشكل أساسي، بملفات فساد (نتنياهو) وعائلته، والإعلان عن نقل ملفات التحقيق ضد رئيس الوزراء إلى مكتب المستشار القضائي للحكومة (أفيحاي مندلبليت) لاتخاذ القرارات المناسبة والتي كان يتوقع أن تصدر خلال الربع الأول من 2019. وفي هذا السياق، قالت صحيفة “غلوبس” الاقتصادية الإسرائيلية أن “نتنياهو كان يعلم بأنه سيتوجه إلى انتخابات مبكرة خلال الأسبوع الأخير، على الأقل، بل ونسق المواعيد مع بعض الشركاء في الائتلاف الحكومي”. وجاء في التقرير الذي نشرته هذه الصحيفة: “في الأسبوع الأخير، كان نتنياهو يعلم أن النيابة العامة أنهت العمل على ملفات التحقيق بشأنه، وأن نحو 800 صفحة من تلخيصات مواد التحقيق وضعت على طاولة مندلبليت”. وأوضحت: “الإعلان عن الانتخابات في التاسع من نيسان، يتيح لنتنياهو حشر مندلبليت والنيابة العامة في الزاوية، حيث أنه لا يمكن الإعلان عن شبهات ضد رئيس الحكومة دون أن يتهموا بالتأثير على المعركة السياسية”.

يضاف إلى كل ذلك، تسلح (نتنياهو) بنتائج سبعة استطلاعات رأي سبق أن مالت لصالح معسكر اليمين، أجريت من أواخر تشرين الأول/ أكتوبر حتى أواسط كانون الأول/ ديسمبر، كانت قد بينت أن “الليكود” يحصل على أكبر عدد من المقاعد بفارق كبير عن باقي الأحزاب، يليه على التوالي “هناك مستقبل” برئاسة (يائير لبيد) وقائمة رئيس أركان الجيش السابق (بيني غانتس) الجديدة، التي أظهرت ثلاثة استطلاعات من الاستطلاعات السبعة التي شملت القائمة، أن المقاعد التي يحصل عليها هي في الغالب من “هناك مستقبل” و”المعسكر الصهيوني” وحتى من “الليكود”. هذا مع العلم، أن استطلاعا أجرته صحيفة “معاريف”، أجري يوم الاثنين الماضي 24/12 بعد الإعلان عن الانتخابات المبكرة، أظهر أن “الليكود سيحافظ على قوته، ويحصل على 30 مقعدا، فيما تحصل قائمة (غانتس) على 13 مقعدا، و”هناك مستقبل” على 12 مقعدا، يليه “البيت اليهودي” 11 مقعدا، فيما تهبط القائمة المشتركة من 13 مقعدا إلى 11 مقعدا”. وتجلت المفاجأة الكبرى بحصول “المعسكر الصهيوني” “على 9 مقاعد فقط بدلا من 24 مقعدا في الانتخابات الأخيرة”. وبحسب “معاريف”: “يتراجع معسكر “الوسط – يسار” إلى 51 مقعدا، أي أن نتنياهو بإمكانه أن يحافظ على الائتلاف الحكومي الحالي”، علما بأن (نتنياهو) وعد لاحقا أحزاب الائتلاف الحكومي بالمحافظة عليهم في الحكومة القادمة، بل لربما تعزز هذا “الائتلاف” بقائمة (غانتس).

لقد أدرك (نتنياهو) أن الانتخابات المبكرة هي الطريق الوحيدة للنجاة… فمضى سائرا فيها، ممسكا بيده بمناصب رئاسة الحكومة و”الخارجية” و”الأمن”، قاطعا بالمعركة الانتخابية الطريق على أي قرار بتقديمه للمحاكمة بتهم الفساد، ومعززا كل ذلك بكون شعبيته لا تزال عالية.