القدس: تركيبة ديموغرافية/ أيديولوجية سياسية جديدة؟

تؤكد الأساليب التي اعتمدتها حملة (موشيه ليئون) الفائز برئاسة انتخابات بلدية القدس، بتأييد قسم كبير من الحريديم والصهيونية الدينية له، وبالتالي تغلبه على منافسه مرشح العلمانيين (عوغر بركوفيتش). وهذه الأساليب تؤكد ما ستواجهه القدس في عهده حيث سعى (ليئون) لإلصاق تعريف “يساري” بـ (بركوفيتش) وإرسال رسائل نصية مفبركة إلى الهواتف الخليوية، توحي كأن مصدرها منظمة “الصندوق الجديد لإسرائيل”، التي يهاجمها اليمين الإسرائيلي باستمرار لتمويلها المنظمات الحقوقية التي تكشف ممارسات الاحتلال. كذلك، قيام حملة (ليئون) بإرسال رسائل نصية مفبركة إلى الناخبين اقتبست فيها التفوهات العنصرية لرئيس الوزراء (بنيامين نتنياهو) في انتخابات 2015 عندما حض ناخبيه على الذهاب للتصويت قائلا: “العرب يتدفقون إلى صناديق الاقتراع”، فيما قالت الرسالة النصية الجديدة إن “العرب في شرقي القدس يخرجون الآن من أجل التصويت لصالح بركوفيتش”. كما تلقى الناخبون مقاطع فيديو تظهر فيها – زورا – سيارة لحملة (بركوفيتش) تنطلق منها هتافات بالعربية تدعو للتصويت له.

فوز (ليئون) جاء إثر تحالف جميع الخصوم في السياسة الإسرائيلية من أقصى اليمين العلماني ممثلا بحزب “إسرائيل بيتنا” بقيادة (أفيغدور ليبرمان) إلى أقصى اليمين الديني الأصولي ممثلا بحركة “شاس” و”ديغل هتوراة” (حزب سياسي اشكنازي حريدي). وقد اعتبرت وسائل إعلام إسرائيلية نجاحه على أنه فوز حلف محافظ وقومي يضم الحريديم والحريديم القوميين المتطرفين. وقالت صحيفة “هآرتس” إن “مشاعر إحباط ويأس تسود الأوساط العلمانية التي ترى بفوز ليئون تهديدا لنمط حياة غير الحريديم بل والحيز العام في القدس، لدرجة أن التقديرات تشير إلى هجرة مزيد من العلمانيين من المدينة”. وقالت صحيفة “معاريف” إن “نتائج الانتخابات تنطوي على تناقض ساخر. فمن بين المرشحين الأربعة لرئاسة البلدية في الجولة الأولى كان (ليئون) الوحيد الذي لم تفز قائمته “يروشلايم شيلانو” (“قدسنا”) بأي مقعد في المجلس البلدي، ما يؤكد أنه بفوزه مدين للحلف الحريدي – القومي المتطرف”.

(ليئون) معروف بصهيونيته المتزمتة وتأييده “لتوحيد القدس كعاصمة إسرائيل”. وهو واحد من غلاة المتطرفين اليهود، ومعروف عنه دعمه اللامحدود للاستعمار/ “للاستيطان” في البلدة القديمة وفي الأحياء المتاخمة لها، خصوصاً سلوان وحي الشيخ جراح. بل تحدث برنامجه الانتخابي عن “إحياء المناسبات الدينية بشكل مكثّف، والسيطرة على “باب الرحمة” أحد الأبواب الرئيسية للمسجد الأقصى والمغلق حالياً، والتدخل بصورة أكبر في الحفريات تحت الأقصى” وهو المقرب من جمعية “العاد” الاستيطانية. لذا، ففيما يتعلق بمصير فلسطينيي القدس، من المتوقع أن سياسة (ليئون) ستكون مفرطة في عدائها وعدوانيتها بحيث تعزز سياسات الاستعمار/ “الاستيطان”، وتطالب بميزانيات لتطوير الأحياء الاستعمارية/ “الاستيطانية”، وعدم استبعاد سعيه إلى حل أزمات السكن للحريديم عبر الدفع بمخططات الاستعمار/ “الاستيطان” وبناء أحياء “استيطانية” جديدة لهم في قلب الأحياء العربية للقدس المحتلة.

في مقال بعنوان “الوجه المخيف للقدس الجديدة”، كتب (عوزي برعام) يقول: “وجه القدس الجديد سيكون مزيجا بين الحريديم والتطرف، الذي يستقدمه معه حزب نفتالي بينيت وأياليت شاكيد. لا أحد يجب أن يندهش إذا واصل العلمانيون الشعور بأن القدس لا يمكنها من الآن فصاعدا أن تكون بيتهم. المدينة غيرت وجهها، وأصبحت معقل من يعتمرون القبعات الدينية اليهودية الموغل معتمروها في عالم التطرف.