الكنيست الحالي الأكثر عنصرية: لا للوجود الفلسطيني

سجلت الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي العشرين الحالية ذروة غير مسبوقة في عدد القوانين العنصرية التي تستهدف إقصاء الفلسطيني وتمأسس للعنصرية والفاشية الإسرائيلية. وما “يميز” قوانين هذه الكنيست أن سابقاتها اهتمت بقوانين ذات بعد استراتيجي عام، مثل سلسلة قوانين “تنظّم” مصادرة الأراضي، وقانون العودة، وقوانين الضم للقدس والجولان، فيما الكنيست الحالية تركز قوانينها أكثر في التفاصيل الدقيقة لحياة الفلسطينيين سواء في أراضي فلسطين الـ 48 أو أراضي فلسطين الـ 67، وهي قوانين تستهدف الفلسطيني كفلسطيني سواء عبر قوانين مباشرة أو غير مباشرة، وأخرى تبدو وكأنها تعديلات لقوانين جنائية تقف خلفها أحداث سياسية تعكس سياسة التمييز العنصري والحرب والاحتلال والاستعمار/ “الاستيطان”.

منذ آذار/ مارس 2015 وحتى تموز/ يوليو الماضي، أقرت الكنيست 72 قانونا تستهدف الوجود الفلسطيني، تضم 22 قانونا دخلت مراحل التشريع، و8 أخرى تم إقرارها نهائيا، بالإضافة إلى 6 قوانين أُقرت بالقراءة الأولى ويجري إعدادها للقراءة النهائية، ومن بينها أيضا 8 قوانين أُقرت بالقراءة التمهيدية (من حيث المبدأ)، و28 قانونا مدرجا على جدول أعمال الكنيست في انتظار المصادقة عليها. ومن القوانين التي أقرت، بالقراءة النهائية، قانون أنظمة سلطة السجون لإتاحة إطعام الأسرى المضربين عن الطعام قسريا. قانون رفع العقوبات على ملقي الحجارة (عقوبة حد أقصى تتراوح ما بين 5 سنوات إلى 20 عاما). قانون إعفاء توثيق التحقيقات مع الأسرى. قانون يسمح بسجن الأطفال الفلسطينيين فقط ببلوغهم سن 12 عاما، بدلا من 14 عاما، وينص على أن يبقى الطفل “المدان” في مؤسسة مغلقة إلى أن يتم عامه الـ 14 وينقل بعدها إلى السجن. أما القوانين التي أقرت بقراءة أولى فعلى رأسها قانون يفصل بين التحريض على الإرهاب وبين التحريض على العنف يهدف إلى الفصل بين نشاط المقاومة الشعبية الفلسطينية وبين النشاط الإرهابي لعصابات “المستوطنين” لتخفيف وطأة جرائم المستعمرين وبالتالي الملاحقات والأحكام. مشروع قانون يفرض غرامات مالية باهظة على شبكات التواصل الاجتماعي في حال لم تستجب لطلبات إسرائيلية بشطب منشورات تعتبرها الدولة الصهيونية محرضة على الارهاب.

أما القوانين المطروحة والتي لم يصوت عليها بعد فيأتي على رأسها 10 مشاريع قوانين في ورقة واحدة، لضم الضفة الغربية لما يسمى “السيادة الإسرائيلية”، حيث يختص كل قانون بمنطقة في الضفة. قانون الاعدام على منفذي العمليات الفلسطينية الذي عرض للتصويت، ورفضته الحكومة، وأدرج مرة أخرى. 3 مشاريع لقانون “إسرائيل دولة الشعب اليهودي” (قانون القومية) وهذا لم يصوت عليه بعد بسبب خلافات بين الائتلاف الحكومي حول بنود تتعلق بقضايا داخلية مثل علاقة الدين بالدولة وتعريف من هو اليهودي. مشروع لحظر آذان المساجد. مشروع قانون يهدف للسماح لليهود بالصلاة في الحرم القدسي الشريف.

أما القانون المقر حديثا في سلسلة القوانين العنصرية هو قانون الإقصاء، الذي يسمح للكنيست بإقصاء عضو كنيست خلال فترة ولايته بتصويت أغلبية 90 عضوا من أعضاء الكنيست والذي يستهدف النواب العرب بالدرجة الأساس. وحول هذا القانون جاء في افتتاحية لصحيفة “هآرتس”: “في إسرائيل هناك مخالفات جنائية تتعلق بالتحريض على العنصرية وبدعم الإرهاب، لا تغطيها الحصانة البرلمانية. إذا اتهمت محكمة عضو كنيست بهذه المخالفات – فإن عضويته في الكنيست تتوقف فوراً. القانون سينقل هذه القدرة  إلى يد الكنيست، الذي سيتحول الآن إلى سلطة تحقيق وسلطة قضائية وتنفيذية. وسيحصل أعضاء الكنيست الذين تحركهم في الأغلب اعتبارات سياسية، وانتخابية وشعبوية، على قدرة قضائية فائضة، بينما تنقصهم الوسائل لتحديد وقائع عملية والتوصل إلى خلاصات قضائية”. وتختم: “سيكون القانون بمثابة جنة عدن بالنسبة للمتطرفين، الذين سيتناكفون مع بضعهم البعض ومع بقية أعضاء الكنيست من أجل احتلال العناوين الأولى في الصحف. إنه قانون سيؤدي إلى تحريض أعضاء الكنيست ضد بعضهم البعض”. في السياق، تقول المحامية (ديبي غيلد) منسقة العمل البرلماني في “جمعية حقوق المواطن الإسرائيلية”: “نشهد في السنوات الأخيرة حملة حثيثة من التحريض ونزع الشرعية عن كل من لا يخضع لموقف الأغلبية السياسية بمن في ذلك أعضاء كنيست ووزراء كبار، رئيس الدولة، رئيس أركان الجيش ووزير الدفاع، فنانون، مثقفون، أكاديميون، وسائل إعلام وصحافيون وغيرهم”. وتضيف: “المقابل سيدفعه المجتمع وسيكون باهظا على رأسها تكميم الأفواه”.

العقلية العنصرية الراسخة في المجتمع الإسرائيلي أساسها الحكومات المتعاقبة التي ساهمت كثيرا في توسيع دائرة العداء للفلسطيني من خلال نهج تحريضي وخطاب إعلامي عنصري، ما أفرز قادة ونخبا سياسية وعسكرية تتنافس فيما بينها حول من يكون أكثر عنصرية. لذا، من الطبيعي أن يتسيد المشهد الإسرائيلي اليوم متطرفون على رأسهم رئيس الحكومة (بنيامين نتنياهو) ووزير دفاعه (أفيغدور ليبرمان).