اجتماع “تنفيذية” منظمة التحرير: التحرك على عدة محاور

على أمل التخفيف من حالة القلق والتساؤل المشكك والمتشكك في أوساط الشارع العربي وغيره، ومن واقع اجتماع “اللجنة التنفيذية” لمنظمة التحرير الفلسطينية الأخير في رام الله (4/02/2016) باعتبارها القيادة الرسمية للشعب الفلسطيني والتي أحضر اجتماعاتها دوما بصفة “عضو مستقل”، برزت مهمات مستعجلة لا بد من التنويه بها حيث كانت موضع نقاش وحديث مستفيض من الحضور. فلقد وقف المشاركون أمام الوضع الفلسطيني، داخليا وخارجيا، وبالذات تجاه القضايا المركزية المستعجلة مع الإدراك بأن الوضع الداخلي هو الذي، استمرار عدم ترتيبه، يُفشل أي إنجاز مأمول:

1) تم الاتفاق، من جديد، ورغم يأس البعض، على ضرورة بذل أقصى جهد باتجاه المصالحة لإنهاء الانقسام الفلسطيني/ الفلسطيني ومنح المباحثات بين حركتي فتح وحماس زخما على أمل إنجاز المصالحة على الأرض حيث بدون ذلك سيصيب الضعف كافة بنود “الوقفة” المشار إليها أعلاه والتي نوضحها فورا فيما يلي:

2) تفعيل “المنظمة”، فالوضع القائم اليوم يتطلب تصحيح وضع “اللجنة التنفيذية” وبخاصة أن هذه “اللجنة” تمثل القيادة الأعلى اليومية للشعب الفلسطيني، رغم أنها هي نفسها مسؤولة أيضا عن “خطف” صلاحياتها وانحسار دورها. ثم إن عملية التفعيل هذه تتطلب دخول القوى الإسلامية إلى “المنظمة” وفق الأطر المتفق عليها سابقا. وفي حال استعصاء ذلك، يجب تركيز الجهود على عقد المجلس الوطني الفلسطيني بأقصى درجات الحرفية القانونية والمهنية والمسؤولية الوطنية. وفي السياق، تم، بالفعل، اتخاذ قرار الاتصال مع رئاسة “المجلس” لعقده، سواء في عمان إن أقنعت حماس وغيرها من الفصائل بالمشاركة، أو في الضفة الغربية، ذلك أن عدم عقد “المجلس” سيعتبر أمرا كارثيا في حال حدوث فراغ في رئاسة “المنظمة”، وكذلك في “التنفيذية” التي تقدمت أعمار رجالاتها ومضى عليهم فترة طويلة. وقد أكد الرئيس أبو مازن نفسه هذا التخوف بالقول: “ستذهب المنظمة على شكل سبايا للناس غير الوطنيين وتتمزق بين دول الإقليم إن أنتم لم تحافظوا عليها”.

3) توحيد الجهد في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي وفق برنامج المقاومة الشعبية الجماهيرية غير العنيفة، مع استمرار “هبة ترويع الإسرائيليين”، وبالذات في ضوء (بل ظلام) إصرار حكومة اليمين المتطرف بزعامة رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) على إعادة إحياء “الإدارة المدنية الإسرائيلية” في ظل مقارفات احتلالية على الأرض، تتضمن – بغطرسة توسعية وعنصرية – استخداما متعاظما لسلاح الاستعمار/ “الاستيطان” لمواجهة أي مبادرة دولية لوقفه. وفي السياق، إعطاء الأولوية لإنضاج الوضع العربي والإقليمي الذي لا يصب حاليا في صالح القضية الفلسطينية، ومحاولة إعادة القضية إلى موقعها الأهم على الساحة (بدفع غير مباشر من الهبة الراهنة).

4) خلال أسبوع، وبدون أي تفاؤل، سيتضح موقف الدولة الصهيونية بخصوص تجاهل رسالة الموقف الفلسطيني، والذي بات من المحتم أن يدفع القيادة الفلسطينية لوقف التزاماها بالاتفاقات (حتى لو أدى ذلك إلى استباحة إسرائيل المنطقة (أ) التي هي مستباحة أصلا) والمسارعة إلى تنفيذ قرارات “المجلس المركزي الفلسطيني”. ومما يجدر ذكره أن عددا من الفصائل الفلسطينية كانوا قد وجهوا رسالة إلى الرئيس الفلسطيني، مؤكدين على ضرورة تنفيذ قرارات “المركزي” و”التنفيذية” القاضية بتحديد العلاقات مع إسرائيل وبالذات وقف التنسيق الأمني بأشكاله كافة نتيجة انتهاك سلطة الاحتلال للاتفاقيات الموقعة.

5) في سياق الكفاح الدبلوماسي السياسي، أبدى الرئيس أبو مازن حماسته الفورية للتوقيع على عدد من الاتفاقيات والمواثيق مع المؤسسات الدولية في الأمم المتحدة وفق المعركة الجارية على هذا الصعيد، مع السعي لعقد مؤتمر دولي على غرار “مدريد”. وفي هذا الإطار، عقدت قيادات اجتماعات خاصة بهيئة “الأمم المتحدة” بشقيها (نيويورك – جنيف) شارك فيها الأخوان رياض منصور (مندوب فلسطين في نيويورك) وإبراهيم خريشة (مندوب فلسطين في جنيف) وتم وضع إستراتيجية التحرك الفلسطيني للعام الحالي 2016 وفق جدول زمني محدد.

6) وفي إطار الكفاح الجماهيري السياسي، جرى التأكيد على الجهد المستمر في تعرية إسرائيل دوليا، ونزع القناع عن وجهها الحقيقي باعتبارها دولة احتلال استعماري عنصري تنتهك القوانين والمواثيق الدولية، علاوة على التواصل مع لجان التضامن العالمية ونخب المثقفين والإعلاميين والسياسيين الذين باتوا يدركون المخطط الصهيوني على حقيقته، وعلى رأس هؤلاء جميعا الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل (بي دي إس) التي تعتمد آلية ترتكز على المقاطعة، وسحب الاستثمارات، وفرض العقوبات.

وبعد أن تمت مراجعة الموقف الفلسطيني برمته مرارا على امتداد الأشهر الماضية، آن الأوان لتجاوز “حالة الانتظار” والمبادرة إلى تحريك البنود آنفة الذكر دون أي تباطؤ ومباشرة تفعيل أدوات الكفاح على مختلف الصعد بعد أن ثبت أن المفاوضات، وحدها، لن تجعل إسرائيل (بل والإقليم والعالم) تنظر جديا للاعتراف بالحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، لا ولا حتى التوقف عن الاستعمار/”الاستيطان” وتقطيع أوصال الأرض إلى جيتوهات سياسية جغرافية وعنصرية!

Dr.asad

كاتب وباحث عربي، ومحلل سياسي مختص في القضايا الفلسطينية وشؤون الصراع العربي الإسرائيلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى