السيناريوهات الإسرائيلية الأبرز للحل النهائي للصراع

يتسابق الإسرائيليون في طرح سيناريوهات جديدة للتعامل مع القضية الفلسطينية. وبعيدا عن ما هو مرجح بخصوص سقوط “حل الدولتين” وحل “الدولة الواحدة الديموقراطية”، تظهر سيناريوهات إسرائيلية بارزة، جلها لا يصب، إطلاقا، في صالح الفلسطينيين:

أولا: بالنسبة لرئيس الوزراء (بنيامين نتنياهو) تراه وكأنه في عالم: “لكل مقام مقال”!!! لكنه، في معظم الحالات، يركز على أن “الحل الوحيد هو بإقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح تعترف بإسرائيل كدولة يهودية”، رافضا “أي انسحاب إسرائيلي أحادي الجانب وأن إسرائيل لن تصبح دولة ثنائية القومية”. وبالمناسبة “السعيدة”، هذا هو أيضا ما يطرحه رئيس المعارضة ورئيس حزب المعسكر الصهيوني (يتسحاق هرتسوغ). غير أن (نتنياهو) يعود ويعلن أن الحل يكمن في “تنفيذ إسرائيل خطوة أحادية الجانب في الضفة الغربية تستوفي الشروط الأمنية لإسرائيل وتكون جزءا من تفاهمات دولية واسعة”. وفي واشنطن مؤخرا، أعلن (نتنياهو) مجددا عدم تخليه عن “حل الدولتين”، وما أن عاد إلى القدس المحتلة، حتى جاءت تصريحاته، عالية النبرة، لإرضاء اليمين: “لا انسحاب للجيش الإسرائيلي عن نهر الأردن وفقاً لأي سيناريو، وحتى بوجود اتفاق سلام مع الفلسطينيين. كما أن الكتل والتجمعات الاستيطانية في الضفة، ستظل على حالها. أما وضع القدس فليس خاضعاً لأي نقاش أو تفاوض، لا الآن ولا في المستقبل”. وفي أحيان أخرى، يطرح (نتنياهو) الموضوع المفضل عند (توني بلير) “ممثل اللجنة الرباعية الدولية!!!” أي “الحل الاقتصادي” إياه بحيث ينعكس بتأثيرات إيجابية على الاقتصاد الفلسطيني مع الإبقاء على استمرار سياسة الاستعمار/ “الاستيطان” والتهويد.

ثانيا: رئيس “اسرائيل بيتنا” (افيغدور ليبرمان) يطرح مأسسة، عملية، لنظام “أبرتهايد” في الضفة من خلال تسريع خطط تمزيق أوصال وحدتها الإقليمية بحواجز “استيطانية”، و”معابر”، وطرق التفافية، وجدار الفصل العنصري، مع تبنيه مشروع التبادل السكاني (لبعض المستعمرين/ “المستوطنين”) مع فلسطينيي 1948، وتبادل أراض محدودة، وهو الأمر الذي يتوافق ومشروع “وثيقة ايجورا ايلاند” (نسبة إلى اللواء احتياط – مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق) التي تكشف المخططات الصهيونية لتصفية القضية الفلسطينية وتصديرها للدول العربية، مع التركيز على تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وقطاع غزة.

ثالثا: سيناريو اليمين “الأكثر تطرفا” الذي عبر عنه وزير التعليم (نفتالي بينيت) من حزب “البيت اليهودي”، الذي دعا إلى ضم “أراضي المنطقة (ج) من الضفة الغربية (التي تشمل 60% من إجمالي أراضي الضفة، الخاضعة لسيطرة مدنية أمنية من قبل إسرائيل)، ومنح الفلسطينيين استقلالا مدنيا في باقي الضفة”.

رابعا: سيناريو “المعتدل” (أوري ساڤير) مدير عام وزارة الخارجية الأسبق، والذي رأس الجانب الإسرائيلي في المفاوضات السرية التي قادت للتوقيع على اتفاق “أوسلو” عام 1993: “على إسرائيل أن تخطط لانسحاب عسكري من 80% تقريباً من أراضي الضفة، وأن تظل مسؤولة – بالضبط مثل اليوم – عن المناطق التي تقع غرب الجدار، وعن الـ 5% من الضفة الملاصقة لنهر الأردن، وكذلك حول الكتل الاستيطانية”. ويضيف: “في نهاية إنسحاب إسرائيل أحادي الجانب وتمرير المسؤولية الأمنية إلى السلطة الفلسطينية، تعلن القيادة الفلسطينية عن إقامة دولة فلسطين على ما تحصلت عليه من أراضي ضمن حدود 1967، وتحظى باعتراف في الأمم المتحدة، وكذلك أيضاً من جانب إسرائيل”.

خامسا: سيناريو يفضله رئيس الاستخبارات العسكرية الأسبق (شلومو غزيت)، الذي حذر من مواصلة سياسة “الاستيطان” والسيطرة على ما أسماه كل “أرض إسرائيل الغربية” من البحر للنهر “التي تؤدي بإسرائيل إلى الضياع”. ويقترح (غزيت) “التحرك الفوري والقفز عن محاولات استئناف المفاوضات، والانتقال لتأسيس دولة فلسطينية مجاورة بمبادرة إسرائيلية أحادية الجانب”… طبعا دون أن يرسم حدودا لتلك “الدولة”!

سادسا: ومن باب الطرافة لكن الخطرة، يطرح الكاتب الإسرائيلي في صحيفة “يديعوت احرنوت” (غي بخور) وهو المقرب من دوائر صنع القرار السياسي في إسرائيل فكرة “نموذج بورتوريكو” إذ يقول: “هناك حل آخر، وهو حل بورتوريكو. هذه الجزيرة، مع نحو 4 مليون من السكان، هي أرض مرعية أمريكية، وسكانها يتمتعون باقامة دائمة للمواطن الامريكي ولكن دون حق الانتخاب والترشيح في الولايات المتحدة. لديهم حكم ذاتي اداري واسع، واذا كان هذا الحل قائما في الديمقراطية الامريكية فلماذا لا يكون هنا أيضا؟ فأحد لا يدعي بانه يوجد نظام أبرتهايد بالنسبة لبورتوريكو”.

في واقع الحال الراهن، “حل الدولتين” يتلاشى بعد أن أصبح غير قابل للتطبيق في ظل استمرار الاستعمار/ “الاستيطان” والتهويد، فيما “الدولة الواحدة” مرفوضة أصلا إسرائيليا خوفا على “الهوية اليهودية”… فمتى، وبأي اتجاه، تتحرك الجهود السياسية الراكدة راهنا؟!!! الأيام ستجيب!