مع اقتراب الإنتخابات الأمريكية

أبرز القوى في صياغة الرأي العام الأمريكي اسرائيلياً وفلسطينياً (4-5)

تستخدم جماعات الضغط الصهيوني عديد الاستراتيجيات لتحقيق أهدافها، والتي تشمل: الضغط السياسى المباشر عبر لجان العمل السياسى (PACs)، والتأثير على وسائل الإعلام لضمان تغطية إيجابية لإسرائيل ومواجهة الصور السلبية، ويشمل ذلك: نشر المقالات التحريرية، وتنظيم المقابلات، وتوفير المعلقين والخبراء، وكذلك حملات التوعية الإعلامية من خلال الإعلانات ووسائل التواصل الاجتماعي، والفعاليات العامة، والتأثير فى مراكز الفكر والمؤسسات البحثية والجامعات، والمؤتمرات والندوات، والمنح الدراسية، وتعزيز العمل الأكاديمى الذى يدعم صورة إسرائيل ويواجه السرديات المعادية لإسرائيل، والتواصل مع المجتمع حيث يحشد اللوبى الدعم الشعبي من خلال التواصل مع المجتمعات المحلية، والمعابد اليهودية، والمنظمات المدنية، كما يقوم اللوبى بتدريب المناصرين للسياسات المؤيدة لإسرائيل على المستويات المحلية والوطنية، وبناء التحالفات من خلال التواصل مع الجماعات الدينية والأقليات، والاستراتيجيات القانونية، مثل مكافحة حركة المقاطعة، وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات..إلخ..، وتهدف كل هذه الاستراتيجيات مجتمعة إلى تعزيز وحماية مصالح إسرائيل بشكل قوى داخل الولايات المتحدة، مما يؤثر فى الرأى العام، والإجراءات التشريعية، وقرارات السياسة الخارجية.
يعتبر التيار المسيحى الصهيونى (إقرأ: “المتمسيحون المتصهينون” أو التيار ذو التوظيف الإنتقائي للمسيحية) الأكثر تأثيرًا داخل الحزب الجمهورى بشكل عام وفيما يخص إسرائيل بشكل خاص، وتشمل الجهات الفاعلة الرئيسية فى هذا التيار: القادة المسيحيين الإنجيليين، ومنظمات مثل «مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل» (CUFI)؛ التي تقوم بتعبئة المسيحيين الأمريكيين، وحشد الكنائس والجماعات شبه الكنسية والمنظمات والأفراد لدعم إسرائيل، استنادًا إلى التعاليم المسيحية والمبادئ الدينية، وتعتبر نفسها أكبر منظمة موالية لإسرائيل في الولايات المتحدة بما يربو عن ملايين الأعضاء، كما تدعي هذه المنظمة أنها المجموعة المسيحية الوحيدة التي تعمل على تحويل ملايين المسيحيين المؤيدين لإسرائيل إلى قوة مثقّفة وفعّالة لصالح إسرائيل.
في المقابل، هناك عدة مجموعات مؤثرة داخل الحزب الديمقراطى تدعم إسرائيل، لكنها تتبنى رؤية مغايرة لتلك التى يتبناها الحزب الجمهورى، حيث ترى معظم هذه المجموعات أن أمن إسرائيل يعتمد على إيجاد حل سلمى للقضية الفلسطينية من خلال احياء المسار التفاوضى وتبنِّى حل الدولتين. ومن هذه المجموعات: “الديمقراطيون المحافظون” الذين يميلون إلى دعم إسرائيل بناءً على القيم الديمقراطية المشتركة والمصالح الإستراتيجية، وتأثيرهم كبير، لأنهم غالبًا ما يشغلون مناصب قيادية رئيسية وعضوية فى لجان الكونغرس، إضافة إلى جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل، مثل: «الأغلبية الديمقراطية من أجل إسرائيل» (DMFI)، والتي تركز على مكافحة حركات مثل BDS (المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات).
وفي المقابل، هناك عديد الحركات والمنظمات العربية والإسلامية – الأمريكية المدافعة عن حقوق الفلسطينيين في الولايات المتحدة. لكن العرب والمسلمين الأمريكيين يمثلون نسبة محدودة من الهيئة الناخبة في الولايات المتحدة إلا أن تمركزهم فى عدد من الولايات المتأرجحة يعطيهم ثقلاً انتخابيًا مهمًا في هذه الولايات غير أن هذه المجموعات العربية والمسلمة تجد “مساحة مشتركة” تجمعها مع المجموعات اليهودية اليسارية في الولايات المتحدة التي ترفض الصهيونية، وتدافع عن حقوق الفلسطينيين، وتعمل من أجل حل عادل ومنصف للصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، من بينها: منظمة «الأصوات اليهودية من أجل السلام» (Jewish Voice for Peace) التي تهدف إلى تحقيق سلام عادل ودائم للفلسطينيين والإسرائيليين يستند إلى المساواة وحقوق الإنسان والقانون الدولي، وهناك حركة «إن لم يكن الآن» (If Not Now)، ومنظمة جى ستريت (J Street)، وحركة «تروه» أو النداء الربانى لحقوق الإنسان (T’ruah)، و«حركة شركاء من أجل إسرائيل التقدمية» (Partners for Progressive Israel). وهؤلاء جميعاً قاموا بدعم منظمة «طلاب من أجل العدالة فى فلسطين» (SJP) المؤثرة فى السياسة الأمريكية، كونها المنوطة بتشكيل الخطاب فى الحرم الجامعي، وتعزيز النشاط بين الشباب، من خلال التأثير فى الرأى العام والنقاشات السياسية الأوسع حول الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني.
تعكس هذه الجماعات المختلفة الطبيعة المعقدة والمتطورة للنقاشات حول السياسة الخارجية الأمريكية، خصوصًا فيما يتعلق بالشرق الأوسط والصراع العربي الإسرائيلي.

Dr.asad

كاتب وباحث عربي، ومحلل سياسي مختص في القضايا الفلسطينية وشؤون الصراع العربي الإسرائيلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى