“بن غفير” في عيون إسرائيلية
نتيجة انتخابات البرلمان الإسرائيلي “الكنيست” الخامسة والعشرين بحد ذاتها “ثورة” يمينية ودينية وسلطوية، فالنتائج ستولد حكومة متطرفة من قوى اليمين وأقصى اليمين برئاسة (بنيامين نتنياهو) بمشاركة الأحزاب الحريدية وقائمة الصهيونية الدينية، التي تضم عناصر فاشية من أتباع الحاخام القاتل (مئير كهانا).
صحيفة “هآرتس” تراها “يوما أسود في تاريخ إسرائيل”، فالفائز الأكبر هو رئيس “القوة اليهودية” (ايتمار بن غفير)، بعد أن أضحت الصهيونية الدينية، ثالث أكبر قوة سياسية في “إسرائيل”، حيث أكدت الصحيفة أن فوز (بن غفير) “تهديد أكثر خطورة من عودة (نتنياهو) على إسرائيل”. (فبن غفير) المرشح لاستلام وزارة الأمن الداخلي، حيث سيكون مسؤولا عن عن جهاز الشرطة وعن سياسة الاحتلال في الأماكن المقدسة في القدس وخاصة في المسجد الأقصى، تعهد في حملته الانتخابية بوضع “الحلول الناجعة”: إصدار أحكام إعدام ضد منفذي العمليات ضد الاحتلال ومستعمريه/ “مستوطنيه”، إبعاد إلى سورية، تغيير تعليمات إطلاق النار والحرية التامة لضباط وأفراد الشرطة و”المستوطنين” باستخدام السلاح بل ومنحهم الحصانة التامة.
ورغم الدور الكبير الذي تقوم فيه الصحافة العبرية بالمجمل في تسويق شرعنة الاحتلال والعنصرية ضد الفلسطينيين، إلا أن عددا كبيرا ممن يسمون المحللين الليبراليين أبدوا صدمتهم وتخوفهم من نتائج الانتخابات على “إسرائيل نفسها”. فقد قال المحلل السياسي في (صحيفة “يديعوت أحرونوت” ناحوم برنياع): “النتائج ثورة قد تكون صفارة بداية تحوّل سيغير وجه الدولة… القصة لم تعد متعلقة بنتنياهو. فهذا التحول أقوى منه. لقد بزغ عهد آخر، معاد لليبرالية، حريدي – قومي، هدام”. وأضاف: “التخوفات حقيقية. بن غفير دخل إلى هذا الفراغ وهو المرشح الوحيد لهذا المنصب، وهو محل إجماع. مجرم مدان بالإرهاب يحصل على صلاحيات وزارية على الشرطة، ولا يرجف جفن أحد”.
من جانبه، قال المحلل العسكري في (صحيفة “هآرتس”) عاموس هرئيل: “لنتخيل زيارة مستقبلية لبن غفير، الوزير المرشح للأمن الداخلي إلى جبل الهيكل (المسجد الأقصى)، بادعاء الاطلاع على الوضع الأمني فيه. زيارة كهذه، تحت حراسة كثيفة، ستؤدي إلى مواجهات في القدس القديمة. عندها، الهدوء لن يعود إلى سابق عهده حتى في قطاع غزة”. وأضاف: “الضفة الغربية قابلة جدا للاشتعال، لدرجة أن عود ثقاب آخر سيؤدي إلى اشتعالها، وفي هذا التوقيت يختار نتنياهو إدخال مشعلي النيران المركزيين (من الصهيونية الدينية) إلى الحلبة”.
ومن جهته، يقول (موشيه هالبيرتال) الفيلسوف في الجامعة العبرية: “الصقور الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين يتحول الآن إلى شيء جديد – نوع من القومية المتطرفة العامة التي لا ترفض فقط أي فكرة عن دولة فلسطينية، بل تنظر أيضًا إلى كل عربي إسرائيلي – يشكلون ما يقرب من 20% من أطبائها، وحوالي 25% من ممرضاتها وحوالي نصف الصيادلة – كإرهابي محتمل”. وأضاف (هالبيرتال): “ما نراه هو تحول في اليمين المتشدد من هوية سياسية مبنية على التركيز على العدو في الخارج- الفلسطينيين – إلى “العدو في الداخل”- عرب إسرائيل”.
“إسرائيل” تنزع بقوة نحو العنصرية، وتغرق حتى أنفها في التطرف والكراهية، وسياسات الفصل العنصري واضحة، وعمليات القتل الممنهج ضد الفلسطينيين علنية. وعليه، يكثر الحديث عن احتمالات متزايدة لصدامات أوسع وأكثر دموية.