التأييد الدولي للقضية الفلسطينية: مؤشرات
في المحصلة، السياسة اليمينية الإسرائيلية ليس مصدرها شخصية بعينها أو حزب بعينه، بل هناك توجه عام إسرائيلي راهن، يتجذر يوميا، ويرفض الحقوق الوطنية الفلسطينية، ويسعى لسلبها، ولا يؤمن بالتعايش السلمي، ويرى في التطبيع العربي المتسارع مكافئة له ومباركة على مقارفاته بحق الشعب الفلسطيني.
بالمقابل، وفي ظل هذا التردي العربي، تظهر نماذج تدل على (1) تزايد التأييد للقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، و(2) نمو المساعي لكشف الوجه البشع الإسرائيلي من قبل مؤسسات عديدة واحتجاجات رأي عام دولي قيد التحول، تبث الأمل قليلا في الروح الفلسطينية، رغم سعي الدولة الصهيونية إلى تقديم نفسها باعتبارها بلدا يتبنى قيم الحضارة الغربية. وللأسف، مع عدم صدقية هذا القول أصلا، رسخت “إسرائيل” في العقل الباطن الغربي هذه المزاعم، خاصة مع الدعاية الصهيونية العالمية التي تتسم بقدر كبير من فنون المعرفة بأصول الدعاية الموجهة.
مع ذلك، ثمة مؤشرات في الآونة الأخيرة، على تغير هذا الحال بحيث باتت “إسرائيل في مرمى تشكيك الكثيرين بعد أن أدرك العالم ما تقوم به الدولة الصهيونية من فرض واقع جديد على الأرض مغاير تماما لما يسمى “الشرعية الدولية”. فعلاوة على التقارير المهمة الصادرة عن منظمات “العفو الدولية” و”هيومن رايتس” ومنظمة “بتسيلم”، وعديد الأوساط الأكاديمية، التي انتقدت “إسرائيل” باعتبارها نظام فصل عنصري، وإضافة إلى تكاثر حالات الانسحاب/عدم المشاركة من قبل مطربين وفنانين واعلام بارزين من أنشطة في الدولة الصهيونية بسبب مشاركتها في مهرجانات دولية، ومع تعاظم التأييد لحركة المقاطعة (B.D.S) أدان خبراء “مجلس حقوق الإنسان في جنيف” تصاعد الهجمات الإسرائيلية ضد منظمات المجتمع المدني الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة، في أعقاب اقتحام جيش الاحتلال مكاتب سبع منظمات حقوقية وإنسانية فلسطينية تعمل في رام الله، وإغلاقها. وقال الخبراء إن هذه الإجراءات “ترقى إلى مستوى التكميم الشديد للمدافعين عن حقوق الإنسان وهي غير قانونية وغير مقبولة”. وقد جدد الخبراء ما سبق وقالوه في نيسان/ إبريل الماضي وهو أن “هذه التصنيفات غير شرعية ولم يتم تقديم أي دليل ملموس وموثوق يدعم مزاعم إسرائيل”. وأضافوا: “مرة أخرى، من الواضح أن البيانات التي تدين وتأسف للإجراءات الإسرائيلية غير القانونية ليست كافية – حان الوقت لأن يتبع الكلمات إجراءات سريعة وحاسمة من قبل المجتمع الدولي للضغط الدبلوماسي على إسرائيل لاستعادة سيادة القانون والعدالة وحقوق الانسان في الأرض الفلسطينية المحتلة”. إلى ذلك، بعثت “نقابة المحامين الوطنية الأمريكية” برسالة إلى الحكومة الأمريكية أدانت فيها إغلاق المنظمات الفلسطينية وحثتها على التحرك ضد الاعتداءات الإسرائيلية، وأضافت: “عمل هذه المنظمات حيوي بالنظر إلى سياسة إسرائيل في منع هيئات التحقيق الدولية من الوصول إلى الأراضي المحتلة”. وختمت: “نؤكد على بيان الاتحاد الأوروبي بهذا الشأن ونحث وزارة الخارجية على أن تحذو حذو الاتحاد الأوروبي وتدين إدانة تامة ودون لبس تسميات إسرائيل الباطلة، وإجبار إسرائيل على السماح لهذه المنظمات بمواصلة عملها الحيوي”.
إنها لمسيرة واثقة للقضية الفلسطينية في عالم تسوده حكومات ظالمة، لكنه عالم يتنامى فيه دور شعوب تسعى لإحقاق الحق والعدالة.