مقارفات المستعمرين/ “المستوطنين”في أعين قادة إسرائيليين

تتوالى التحذيرات الإسرائيلية من النشاط العدائي المتصاعد للمستعمرين/ “المستوطنين” ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، وكذلك ضد جنود جيش الاحتلال، وانفلات هؤلاء بلا حسيب، حيث ينفذون اعتداءات إجرامية على الفلسطينيين بحماية من جنود الاحتلال، الذين إن حاولوا فرض النظام يقوم المستعمرون بمهاجمتهم هم أيضا. وطبقا لمعطيات حركة “السلام الآن” الإسرائيلية هناك اليوم “نحو 666 ألف مستوطن و145 مستوطنة كبيرة و140 بؤرة استيطانية عشوائية داخل الضفة الغربية، بما فيها الشطر الشرقي للقدس حيث سُجل في العام المنقضي أكثر من 427 حادث اعتداء قام به المستوطنون في الضفة والقدس المحتلتين”، وهذه معطيات أكدها أيضا مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي المحتلة، التابع للأمم المتحدة.

قادة أمنيون وعسكريون إسرائيليون وقادة رأي عام يواصلون التحذير من النشاط العدائي “للمستوطنين” باعتبارهم يشكلون “خطرا على أمن إسرائيل”. ففي خطوة لم نعتد عليها، حذر ثلاثة من جنرالات جيش الاحتلال الإسرائيلي، ممن ترأسوا قيادة المنطقة الوسطى في الجيش (الضفة الغربية المحتلة)، من تداعيات وخطر اعتداءات المستعمرين/ “المستوطنين” على الفلسطينيين في الضفة الغربية. ونشر الجنرالات الثلاثة (نيسان ألون) و(آفي مزراحي) و(غادي شامني) مقالاً مشتركاً في صحيفة “هآرتس”، أوضحوا فيه أسباب اعتراضهم على عنف “المستوطنين” بآثاره السلبية على “إسرائيل”، وقالوا: “هذه الاعتداءات تصل تداعياتها للمستوى السياسي، حيث يمكن أن نرصد أن أنظار العالم بدأت تتجه لهذا العنف وتراقبه، وقد وصلت المسألة إلى نقطة حرجة، إذ أثار هذا العنف انتقادات من أصدقاء إسرائيل، ومن ضمنهم الإدارة الأمريكية والكونغرس الأمريكي والجاليات اليهودية في أمريكا”. وأضافوا: “من شأن تفاقم اعتداءات المستوطنين وعنفهم، تدهور الأوضاع لانتفاضة ثالثة”.

في السياق، حذر منتدى “قادة عسكريون من أجل أمن إسرائيل” الذي يضمّ أكثر من 300 ضابط وجنرال، من الأخطار الكامنة في عنف “المستوطنين”، وقالوا في رسالة لوزراء وأعضاء كنيست: “على المستوى الأمني، العنف اليهودي يمسّ بقدرة أجهزة الأمن على القيام بمهامها، ومنع تحويل ساحة المستوطنين إلى جبهة إضافية، ومن الناحية القيمية الاجتماعية، فإن عنف المستوطنين اليهود يناقض القيم اليهودية وقيم المجتمع الإسرائيلي”. ووصف نائب وزيرة الاقتصاد في “إسرائيل” (يائير غولان) من حزب “ميرتس” “المستوطنين” بأنهم “ليسوا من بني البشر وصورة فاسدة (للشعب اليهودي)”. وقال: “يقومون بأعمال العربدة والعنف، ولذا يجب عدم دعمهم، بل طردهم بالقوة”. من جانبه، قال الكاتب والخبير الأمني الإسرائيلي (يوسي ميلمان) إن “الخطر الأكبر الذي ينبغي على إسرائيل التنبه له، لن يكون قادما من إيران، بل من الضفة الغربية”. وأبدى (ميلمان) في مقال نشره موقع “ميدل إيست آي”: “مخاوف من تفجر الضفة الغربية، بسبب تصاعد نشطاء المستوطنين المتطرفين، وهجماتهم ضد الفلسطينيين”.

اعتداءات المستعمرين/ “المستوطنين” تعكس انفلاتا عنصريا ضمن حرب مفتوحة وممنهجة، وليست عمليات فردية أو منفصلة عن سياق متواصل من الاعتداءات والتطهير العرقي. ولقد بات جليا، أن عنف المستعمرين/ “المستوطنين” يمارس بدعم تام من دولة الاحتلال، فهي ليست تتيحه فحسب، بل تشارك قواتها في تنفيذه وذلك ضمن استراتيجية الفصل العنصري “أبارتايد” الساعي إلى قضم المزيد والمزيد من الأراضي الفلسطينية لاستكمال عملية الاستيلاء الجارية.

Dr.asad

كاتب وباحث عربي، ومحلل سياسي مختص في القضايا الفلسطينية وشؤون الصراع العربي الإسرائيلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى