الإعدامات الميدانية الإسرائيلية للفلسطينيين
عدد كبير من الفلسطينيين ممن استشهدوا على مر الصراع الفلسطيني/ الإسرائيلي، أُعدموا ميدانيا، أي دون أي مواجهة، قتلوا غدرا، وبعضهم قتل حتى وهو جريح كما حدث بداية الأسبوع مع الشهيد الشاب محمد سليمة (25 عاما)، حيث أطلق عنصران من شرطة الاحتلال، ومن مسافة صفر، أكثر من 6 رصاصات على جسد الشاب، وهو ملقى على الأرض دون حراك في منطقة باب العامود بالقدس المحتلة، في جريمة إعدام ميداني جديدة تضاف لسلسلة الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني.
ما جرى هو إعدام بدم بارد للفلسطيني الذي اعتادت قوات الاحتلال استباحة دمائه، وبتشجيع من المؤسسة الأمنية، التي شجعت وتُشجّع على القتل تحت ذريعة الدفاع عن النفس، أو بذريعة الشعور بالخطر مهما كان بسيطا أو حتى متخيلا. فالتعليمات التي تصل جنود الاحتلال من قيادتهم ومن المستوى السياسي تسمح لهم بقتل أي فلسطيني وإعدامه. ففي السياق، أعرب رئيس حكومة الاحتلال (نفتالي بينيت) ووزير خارجيته (يائير لابيد) عن دعمهما للجنديين المجرمين اللذين أطلقا النار على الشاب (سليمة) وهو ملقى على الأرض دون مقاومة أو تشكيل خطر على أحد. وقال (بينيت): «أنا أطلب مدّهما بالدعم الكامل، هذا كان المتوقع من جنودنا وهكذا هم فعلوا». بدوره، قال (لابيد): «أدعم قوات الأمن وعناصر حرس الحدود الذين تصرفوا بسرعة وحزم».
استمرار هذه الجرائم الإسرائيلية ضد الفلسطينيين وأرضهم، هو نتيجة لحالة الإفلات من العقاب، والمعضلة ليست في أوامر إطلاق النار بل في السياسة التي تهدر دم الفلسطيني. ففي عديد الإعدامات الميدانية ضد شباب فلسطين، المشترك كان القتل بهدف القتل دون مُسوغ منطقي يبرر فعل القتل، حتى وفق «الدولة الإسرائيلية» التي تنص أوامر إطلاق النار في إطارها العام، على أن الجندي أو الشرطي يستطيع إطلاق النار لتحييد التهديد، فقط بعد أن يشعر بخطر واضح وفوري على حياته أو حياة مواطن آخر. وأنه في حال التعرف على شخص مشبوه، فإن الإجراء يختلف، إذ يتوجب عليه أن يطالبه بالوقوف باللغة العربية ثلاث مرات وبعدها يطلب منه التعريف عن نفسه، وإذا لم يتلق جوابا يحذره بأنه سيطلق النار عليه، ثم يمشط سلاحه بشكل يظهر منه أنه يستعد لإطلاق النار، وبعدها يطلق رصاصتين بزاوية 60، وبعد ذلك كله يقوم بإطلاق النار على رجلي المشبوه. وفقط في حال لم يجدِ ذلك كله، وكان المشبوه يشكل خطرا على حياة رجل الأمن أو حياة مواطنين آخرين، بإمكانه أن يصوب إلى مركز الجسم.
والحال كذلك، فإن الدولة نفسها جاهزة لحماية القتلة من عناصر الأمن. فتصريحات المستوى السياسي العدوانية تجاه الفلسطينيين والعرب والتي تمجد من يقتلون الفلسطيني تشجع على المزيد من التوحش في العنف والقتل ضد الفلسطينيين في مختلف مواقعهم. إذن هي عملية إعدام جماعية شاركت بتنفيذها دولة بأكملها. ونحن اليوم، نحن نتحدث عن ضرورة وقف جرائم إعدام ميدانية بدم بارد تدعمها فاشية دولة تسمى «إسرائيل». فجريمة الإعدام للفلسطيني، وهو رافع اليدين ومُلقى مصابا على الأرض، لهو أكبر دليل على فاشية دولة الاحتلال، التي تدعم مجرمي الحرب والقتلة في صفوف أجهزتها المختلفة التي تمارس وبشكل يومي جرائم ضد الإنسانية. هو نظام فاشي لا خلاف على ذلك، فجريمة الاغتيال لم تتوقف عند إطلاق النار على شاب أعزل ملقى على الأرض بل تواصلت مع تعطيل وصول الإسعاف لعلاجه.
هذه الجريمة، كسابقاتها، تأتي في سياق التصعيد الإسرائيلي المستمر ضد الشعب الفلسطيني، وهي استمرار لمسلسل القتل اليومي الذي لا يمكن السكوت عليه، ويجب إضافتها إلى ملف الجرائم البشعة في المحكمة الجنائية الدولية. ولقد آن الأوان لتفعيل هذا الملف.