مخاطر سباق التسلح: إلى متى؟

عادت قضية الحد من التسلح إلى الأضواء من جديد: فقد وافقت الولايات المتحدة وروسيا على تمديد معاهدة “ستارت” الجديدة لمدة خمس سنوات أخرى، وأعربت إدارة الرئيس الأمريكي (جو بايدن) عن رغبتها في اتخاذ المزيد من تدابير الحد من التسلح.

يسعى العالم، وعلى رأسه الدول المالكة للأسلحة النووية، للإعلان دوما عن إحراز تقدم هنا وهناك في مجال الحد من التسلح الدولي ونزع السلاح وحظر الانتشار النووي. لكن مشاكل انتشار أسلحة الدمار الشامل ووسائل نقلها أصبحت عوامل هامة تؤثر في وضع الأمن الدولي يوما وراء يوم. ذلك أنه في ظل العلاقات غير السوية بين الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.. وبين الصين، يتم التركيز على القلق حيال جهود الأخيرة تعزيز قدراتها النووية، وهو الموقف الذي أعلنه صراحة (ينس ستولتنبرغ) أمين عام حلف شمال الأطلسي (ناتو) من إنه يتعين على الصين “الانضمام إلى الجهود الدولية للحد من انتشار الأسلحة النووية”، وذلك وسط مخاوف من أن الصين تطور بشكل سريع، صواريخ قادرة على حمل رؤوس حربية ذرية. بل إن (ستولتنبرغ) طالب، خلال مؤتمر (الناتو) السنوي للحد من التسلح، بإشراك المزيد من الدول في المحادثات المستقبلية الرامية إلى وضع قيود على تطوير الصواريخ. وأضاف: “بصفتها قوة عالمية، تتحمل الصين مسؤوليات تتعلق بمسألة الحد من التسلح”. كما حذر من أن “ترسانة بكين النووية تتوسع بسرعة”. هذا الموقف، سرعان ما رفضته الصين بصورة قاطعة، معتبرة أنها “تنتهج استراتيجية نووية دفاعية، وتبقي أسلحتها النووية عند أدنى حد ضروري لأمنها القومي”، مضيفا أن “الصين لديها أيضا سياسة، وهي ألا تكون الاولى في استخدام الأسلحة النووية تحت أي ظرف من الظروف”.

ومع أن (الناتو) يشدد على أن جهود الصين النووية “تتم دون أي قيود، وفي ظل غياب كامل للشفافية”، يظهر بالمقابل السؤال من الطرف الآخر: “هل تتوافق أصلا عقلية الناتو مع فكرة الحد من التسلح؟”، وهو التحالف العسكري لثلاثين دولة هدفه الدفاع المتبادل بين الدول الأعضاء رداً على أي هجوم من قبل أطراف خارجية. الحلف بحاجة، قبل أي شيء رفض عقلية الحرب الباردة. هنا تكمن المشكلة. فوفقا لخبراء: “وراء التوسع الصيني يمكن أن تكون هناك دوافع مختلفة لقيادة الدولة وزعيم الحزب شي جين بينغ، وهو أيضًا رئيس اللجنة العسكرية وبالتالي القائد العام. يمكن أن يكون رد فعل على تحديث القوات النووية في الولايات المتحدة وروسيا والهند، من بين أمور أخرى. قد تشعر الصين بالقلق أيضًا من أن صوامعها السابقة معرضة للخطر بسهولة”.

إذن سباق التسلح مستمر رغم الاتفاقيات التي لربما لا تكون مجدية في ظل تفكك العلاقات بين الدول المالكة للأسلحة النووية، وهو مؤشر على أن خطر استخدام الأسلحة النووية اليوم أكبر من أي وقت مضى منذ الحرب الباردة. وعليه نسأل، متى يبدأ الحوار الشامل بين من يملكون الأسلحة النووية ومن لا يملكونها في مختلف أنحاء العالم؟!! وعلى المجتمع الدولي أن يحمي نظام الحد من التسلح الدولي ونزع السلاح ومعاهدة حظر الانتشار، وأن يقوى فعاليتها ومصداقيتها، وأن يبرز دور وتأثير معاهدات الحد من التسلح ونزع السلاح وحظر الانتشار المتعددة الأطراف بناء على القوانين الدولية القائمة.

Dr.asad

كاتب وباحث عربي، ومحلل سياسي مختص في القضايا الفلسطينية وشؤون الصراع العربي الإسرائيلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى