أسبوعان فلسطينيان حافلان بالمقاومة
انتهى ما يقرب من أسبوعين حافلين بالأحداث والنتائج منذ انطلق الأسرى الفلسطينيون الستة نحو الحرية، وأسدل الستار على فعل بطولي سيكون له ما بعده فيما يخص المقاومة الفلسطينية وقضية الأسرى.
طوال ما يقرب من أسبوعين كان فيه الفعل ورد الفعل واضحين. فعملية سجن «جلبوع» وجهت ضربة أمنية لهيبة «إسرائيل» حيث أن السجن من أشد المعتقلات تحصينا.
وفيما تسارع دول العالم للاستفادة من قدرات تكنولوجيا التجسس والمراقبة والتعقب واختراق الهواتف الإسرائيلية، وهذه كلها فشلت أمام أدوات بدائية استخدمها طالبو الحرية الستة، مستعينين بالصبر والإرادة والشجاعة.
التعاطف مع أسرى الحرية عربيا وإسلاميا وفلسطينيا (بل ودوليا في أوساط ممتدة) كان حقيقياً وواسعاً، مقرونا بإقامة الاحتفالات وإطلاق الدعوات إلى مساعدة الأسرى بالطعام والماء والمأوى، والرفض التام للتعاون مع جهود «إسرائيل» للقبض عليهم. والحال كذلك، رد جيش الاحتلال باعتقال أفراد عائلات الأسرى رغم عدم وجود شبهة في أن يكون لأي منهم دور في عملية الهروب، وذلك في إطار حملة ضغط هدفت إلى دفع أسرى الحرية إلى تسليم أنفسهم، مع انتشار هائل لقوات جيش الاحتلال في كل نقطة التقاء بين الضفة الغربية وأراضي فلسطين 48. كما أبلغ الص?يب الأحمر عائلات جميع الأسرى الفلسطينيين أن الاحتلال ألغى زيارات المعتقلات حتى نهاية أيلول/ سبتمبر كعقاب.
على صعيد مختلف، اللافت تجلى في ارتفاع وتيرة أعمال المقاومة ضد قوات الاحتلال منذ لحظة انتزاع الأسرى حريتهم من سجن جلبوع، فلقد شهدنا تضامنا ومساندة واسعة مع الأسرى عقب عمليات القمع والتنكيل داخل المعتقلات حين أعلن الأسرى الإضراب العام. ورغم وضع الضفة الغربية الصعب إلا أن الجماهير شاركت خلال الأسبوعين في العمل الفلسطيني المقاوم، حيث أعلن جهاز «الشاباك» الاسرائيلي عن زيادة كبيرة في حجم العمليات في الضفة دون أن ننسى القدس وقطاع غزة.
وبحسب معطيات «الشاباك»، تم خلال يومين فقط تسجيل أكثر من 40 حادثة شملت عمليات طعن ومحاولات طعن مع إصابات بالحجارة وكذلك إلقاء حجارة وزجاجات حارقة وإطلاق نار على حواجز عسكرية.
وفي السياق، رصد تقرير أصدرته فصائل المقاومة الفلسطينية عن الوضع: «641 عملا مقاوما في 123 منطقة مواجهة بمناطق متفرقة بالضفة الغربية والقدس المحتلتين، خلال 10 أيام منذ عملية نفق الحرية».
وأحصى التقرير «193 مواجهة مع قوات الاحتلال، والمشاركة في 170 تظاهرة تضامنا ونصرة للأسرى. وتخلل المواجهات والمظاهرات 175 عملية إلقاء حجارة، و21 إلقاء زجاجات حارقة، و5 إلقاء مفرقعات نارية، و2 عملية تحطيم أدوات أو آليات عسكرية، و13 عملية حرق أماكن أو منشآت عسكرية، وإسقاط طائرتي «درون»، و15 عملية مقاومة لاعتداءات «المستوطنين». كما تم رصد 4 عمليات طعن أو محاولات طعن، وإلقاء 8 عبوات ناسفة. ووفق التقرير، شهدت الفترة ارتفاعا في عمليات إطلاق النار، حيث بلغت 25 عملية إطلاق نار، استهدف المسلحون فيها نقاطا مختلفة لقوا? الاحتلال، تركزت على حاجز الجلمة العسكري قضاء جنين».
يتمتع الأسرى بمكانة خاصة في المجتمع الفلسطيني. ومما لا شك فيه أن قضية الأسرى توحد الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة. بل هي القضية التي توسعت بعد أن بات متوقعا انتهاء الأمر بأي طفل فلسطيني إلى قضاء أشهر في سجن عسكري لمجرد التظاهر.
ومما يدعو إلى الاعتزاز الوطني أنه في غضون أسبوعين اثنين، وحّد «أسرى الحرية» الشعب الفلسطيني كله في الضفة الغربية وقطاع غزة وفلسطين عام 1948 وفي الشتات أيضا، وأصبح الجميع فلسطينيا دون انتماء سياسي أو حزبي.