جذور إرهاب “المستوطنين”

مع أن اليهود قد تعرضوا للإضطهاد عبر التاريخ فإنهم لم يكونوا في يوم ما ضحايا أبرياء تماما في الدول التي عاشوا فيها. فعبر التاريخ، طرد اليهود من 79 دولة، ومن بعض البلدان أكثر من مرة، نتيجة اتهامهم بالجشع والسرقة والكذب والتلاعب. وقد اشتملت لائحة اتهامهم وممارساتهم التجارية المشكوك فيها وتواكبها مع الربوية، وأدوارهم في الحركة الجنسية المثلية المتطرفة، والحركة النسوية الراديكالية، وصناعة المواد الإباحية، وصناعة الإجهاض.

وثمة مجلدات عن مسموعاتهم في عالم سفلي خاص بالجريمة المنظمة وتجارة الرقيق وتجارة السلاح، مقرونة بجرائم الكراهية المصاغة لإسكات كل ناقد لهم. وبالفعل، تم محاكمة مؤرخين أمثال (جيرمان رودولف) و(ديفيد إيرفينج) وغيرهما بتهمة ارتكاب جرائم كراهية لمجرد قيامهم بتحقيقات أكاديمية تظهر صورة اليهود في حقب مختلفة من التاريخ. كما تعرض آخرون من منكري ما يسمى “المحرقة” للترهيب والمضايقة والاعتداء والتشهير لمجرد محاولتهم الوصول إلى الحقيقة. وبلغت وقاحة بعضهم بادعاء أن حياة الأمم لا تساوي أكثر من حياة حيوانات، فيما حياة اليهودي أقرب إلى الله، ولا بأس من سرقة أحد الأغيار أو قتله، لكن حياة اليهود مقدسة. ومثال حي على ما سبق الحاخام (أليعيزر كاشتئيل) الذي يبرر الحروب وأهميتها حتى وإن تعارضت مع السبت المقدس. ويقود هذا الحاخام الشعبة الدينية لقوات الاحتلال في مستوطنة “إيليت” وآراؤه ليست هامشية. وعدا عن كونه شخصية دينية فهو عضو مؤثر وفعال في الحركة الصهيونية الدينية، وهي إحدى المنظمات القوية في المجال العسكري والسياسي في دولة الاحتلال الصهيوني. ومن أقواله التي يؤيده فيها ويرددها عديد الحاخامين وأتباعهم: “عندما نتحدث عن الحرب يجب أن نوضح عنصرين مهمين، الأول عنصر إنقاذ النفس “النفس اليهودية”. وهناك عنصر آخر لا يتعلق بإنقاذ النفوس. نحن لسنا ضعفاء. يدنا قوية. نحن مأمورون بالفتح والغزو كما هو موضح في الوصايا المقدسة. وبما أننا أمرنا بالغزو فأهمية هذا الأمر تفوق قدسية السبت حتى ولو لم يطلق علينا رصاصة واحدة”. ويضرب مثلا ويتابع: “حتى ولو كان سكان غزة، الذين هم ليسوا من أبناء إسرائيل، يستقبلوننا بالورود ويبعثوا لنا رسائل حب ومودة، فإننا مأمورون بأن نغزو أراضي إسرائيل مثلما أمرنا بأن نفتعل الحروب. إذا سلموا لنا أراضي إسرائيل كان هذا جيدا جدا وإن لم يسلموها فعلينا غزوها. هذه أرضنا المقدسة وقد وعدنا الله بها وأمرنا بأن نرثها”.

وعلى مثل هذه الطروحات يتغذى إرهاب المستعمرين/ “المستوطنين” فيواصلون الاعتداء على ممتلكات الفلسطينيين وتنفيذ الجرائم بالضفة الغربية المحتلة. بل إن الارتفاع في عدد مقارفات هؤلاء المستعمرين تواكبت مع زيادة في وحشية الجرائم التي لم يسلم منها الإنسان والأرض والممتلكات. وهي جرائم أضحت منذ زمن جزءًا لا يتجزأ من روتين الاحتلال المدعوم من قواته، وأحيانًا تبسط حمايتها عليه بل وتشارك في الاعتداءات التي تشتمل – كما هو مشهود يوميا – على إطلاق النار والاعتداءات الجسدية ورشق السيارات والمنازل بالحجارة والزجاجات الحارقة واقتحام القرى وإحراق المباني والحقول وإتلاف المزروعات والممتلكات وكل ذلك في خدمة الدولة الصهيونية بهدف إبعاد الفلسطينيين عن أراضيهم والاستيلاء عليها.

Dr.asad

كاتب وباحث عربي، ومحلل سياسي مختص في القضايا الفلسطينية وشؤون الصراع العربي الإسرائيلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى