«التواصل الاجتماعي».. عامل مقاوم فلسطيني

تسود العالم اليوم حالة عامة من الرؤية الواضحة والواسعة مختلفة عما كان يدور من تزوير حقائق كثيرة بعد أن كانت السيطرة من جهة واحدة على بث ما تريده وإخفاء الشكل الآخر للصورة. وبالذات في فلسطين، وتحت الاحتلال، باتت «وسائط التواصل الاجتماعي» تتيح رؤية أوضح وأقوى عما يدور على الأرض من جرائم ومقارفات إسرائيلية، وما يحدث من انتهاكات واضحة ضد الشعب الفلسطيني.

العالم اليوم، شاهد فيديوهات تحصد مشاهدات بالملايين لعمليات اغتيال الأطفال وعائلات بأكملها في قطاع غزة خلال الغارات الإسرائيلية، وفيديوهات تبين وحشية الاحتلال وقطعان «مستوطنين» في سلبه لأراضي ومنازل الفلسطينيين في القدس المحتلة ومدن الضفة الغربية، والعنف غير المبرر في مدن فلسطين 48، حيث أوصلت «وسائل التواصل الاجتماعي» حقيقة الاحتلال لكثير ممن كانوا لا يرون سوى الرواية الإسرائيلية ولا يعرفون ما هي القضية الفلسطينية. كما لاقت فلسطين تأييدا واسعا من فنانين وأدباء وقادة وحكومات وشعوب، مع إصدارهم مواقف تدين الاح?لال الإسرائيلي ومواقفه ضد الفلسطينيين، وسط مشاركات ومشاهدات بأرقام عالية. وبذلك، باتت «وسائط التواصل الاجتماعي» تلعب دورا هاما في المواجهة الدائرة على فلسطين التاريخية.

لقد أصبحت تطبيقات الفيديو وعلى رأسها «تيك توك»، بسبب السياسة المعادية التي تنتهجها تطبيقات أخرى ضد القضية الفلسطينية، منصة رئيسية لمشاركة الأخبار، وهو الموقع الصيني الذي يتمتع بجمهور واسع، معظمهم من الشباب، مع ما يقدر بنحو 700 مليون مستخدم نشط شهريًا في جميع أنحاء العالم، حيث انتشرت صور إطلاق الصواريخ في عمق الدولة الصهيونية، والدمار في غزة، والاحتجاجات الفلسطينية، حيث نجح بحق بنقل تفاصيل الصراع إلى شاشات هواتف الناس في جميع أنحاء العالم. ويكفي مثلا أن هاشتاغ #SaveSheikhJarrah الذي نشر على وسائل التواصل ال?جتماعي، حصد في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها 44 مليون مشاهدة عبر «تيك توك» فقط.

وفي محاولات الاحتلال الاستفادة من أدواته الإلكترونية ووسائل الإعلام الأجنبية المؤيدة وقوته الإعلامية في العالم أجمع، نجح الفلسطينيون في نشر فيديوهات تتحدث عن قصص تهجيرهم من بيوتهم وقصف منازلهم واعتقال عائلاتهم وأصدقائهم، بل هم حقيقة وثقوا قصص محاولات المستعمرين/ «المستوطنين» إدعاء ملكية ما يخص الفلسطينيين. وعليه، نجح الشباب الفلسطيني بحشد الدعم العالمي مع القضية الفلسطينية العادلة، مستغلا كافة امتيازات هذه الوسائل وبأشكال متنوعة، منها على سبيل المثال نشر رسوم كاريكاتورية وتمثيل مقاطع ساخرة استفزازية على تط?يق «تيك توك»، ولجأ إلى القاموس الثقافي والديني للدولة الصهيونية ناشرا نصوصا دينية أو أغان ساعدت في الدعاية والحرب النفسية، فضلا عن الأهم وهو نشر صور لأطفال وعائلات بأكملها استشهدت جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة. ويكفي الرسالة المفتوحة التي وقعتها 680 شخصية عالمية من 75 دولة، إلى الرئيس الأمريكي (جو بايدن) تدعوه إلى المساعدة في إنهاء الهيمنة والقمع المؤسسي الذي تمارسه «إسرائيل» على الشعب الفلسطيني، وإلى حماية حقوق الإنسان الأساسية الخاصة بهم.

الآن، لا يملك أحد ترف تجاهل اللحظة الفلسطينية الكبرى على «وسائل التواصل الاجتماعي»، حيث باتت القضية الفلسطينية بتفاصيلها الدقيقة أمام العالم، توثق الأحداث بصوت وصورة الشباب الفلسطيني بل ومن وجهة نظرهم من خلال الواقع الذي يعيشونه، فأضحى الصوت الفلسطيني هو راوي الأحداث فتعالت الأصوات في العالم رفضا للاحتلال والتهجير والقتل وباتت تناصر الفلسطينيين بعد أن رأت الحقيقة في كل فلسطين التاريخية.

Dr.asad

كاتب وباحث عربي، ومحلل سياسي مختص في القضايا الفلسطينية وشؤون الصراع العربي الإسرائيلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى