إدارة (بايدن) والمواجهة مع الصين

في بداية آذار/ مارس الماضي، أصدرت إدارة الرئيس الأمريكي (جو بايدن) وثيقة “التوجيه الإستراتيجي المؤقت لإستراتيجية الأمن القومي”، التي تتضمن توجهات الإدارة الجديدة لوكالات الأمن القومي حتى تتمكن من العمل على مواجهة التحديات العالمية، بعد 4 سنوات من حكم الرئيس السابق (دونالد ترامب). وفي هذه الوثيقة جاء ذكر الصين 15 مرة التي لم تتعد 20 صفحة من الحجم الصغير، ولم تأت على ذكر روسيا إلا 5 مرات، مع إشارة واضحة إلى ضرورة تأهب الولايات المتحدة لمخاطر الصين، بالقول: “يجب علينا أيضا أن نتأهب لحقيقة أن توزيع السلطة في جميع أنحاء العالم يتغير، مما يخلق تهديدات جديدة. والصين على وجه الخصوص أصبحت وبسرعة أكثر حزما وتصميما، هي المنافس الوحيد القادر على الجمع بين القوة الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية والتكنولوجية، وتحدي النظام الدولي المنفتح والمستقر”.

كان لافتا، نهاية الأسبوع الماضي، استقبال الرئيس (بايدن) في البيت الأبيض نظيره الكوري الجنوبي (مون جيه-إن) في أول قمة مباشرة مع أي من زعماء العالم، سبقها في 16 نيسان/ أبريل الماضي لقاء (بايدن) مع رئيس الوزراء الياباني (يوشيهيدي سوغا) في واشنطن.

من بين المواضيع الأساسية في قمة (بايدن – مون جيه)، بالإضافة إلى قضية كوريا الشمالية مع تصريح الإدارة الجديدة بأنها أكملت مراجعتها للسياسات تجاهها، أثار الرئيس (بايدن) القضية الحساسة المتعلقة بما إذا كانت كوريا الجنوبية بحاجة إلى الانضمام إلى المنتدى الأمني الإقليمي المعروف باسم “كواد”. هذا المنتدى ينظر إليه على أنه موجه ضد الصين، حيث تسعى الولايات المتحدة إلى توسيع الحوار الذي بات يضم حاليا ثلاث دول أخرى هي اليابان والهند واستراليا. وفي السياق، شدد (بايدن) على “إيمانه بالتحالفات التقليدية لبلاده في مواجهة كل من كوريا الشمالية التي تمتلك السلاح النووي، والصين التي تزداد جرأتها يوماً بعد يوم في تحدي جيرانها والولايات المتحدة أيضاً”.

بحسب صحيفة “أساهي” اليابانية، فإن: “الحكومة الكورية تدرس إمكانية التعاون مع مجموعة الخبراء التي سيقوم منتدى “كواد” بإنشائها”. وأوضحت الصحيفة، نقلا عن دبلوماسيين كوريين وأمريكيين: “الحكومة الكورية التي لديها علاقة اقتصادية قوية مع الصين، ظلت بعيدة عن منتدى “كواد” نظرا لأنه يستهدف مواجهة التوسع الصيني، لكنها بدأت تفكر في التعاون مع المنتدى بسبب الحاجة إلى تقوية العلاقات مع الولايات المتحدة بشأن السياسة الأمريكية الجديدة تجاه كوريا الشمالية”.

وكان (بايدن) قد اغتنم فرصة القمة الأمريكية/ الكورية لتوضيح أنها ناقشت “حرية الملاحة” البحرية الدولية في بحر الصين الجنوبي، وكذلك “السلام والاستقرار” حول تايوان، والتي تعتبرها الصين جزءاً لا يتجزأ من أراضيها وهي التي توعدت مراراً باستعادة الجزيرة بالقوة إذا لزم الأمر.

“المسألة الصينية” هي من القضايا القليلة التي يلحظ فيها نوع من الإجماع بين الديمقراطيين والجمهوريين في الكونغرس الأمريكي. وفي ظل استمرار توتر العلاقات بين واشنطن وبكين، أعلن الرئيس (بايدن) في خطابه الأول أمام الكونغرس أن “إدارته تعتبر أن الولايات المتحدة في وضع منافسة مع الصين، وعدد من الدول الأخرى، على التفوق والريادة في القرن الـ21”. وفي هذا السياق، يفهم تحذير الأدميرال الأمريكي (فيليب ديفيدسون) قائد القوات الأمريكية في منطقة المحيطين الهندي والهادي (إندوبام)، خلال جلسة استماع أمام لجنة في مجلس الشيوخ الأمريكي: “أخشى أن يكون الصينيون بصدد تسريع مشروعهم الرامي للحلول محل الولايات المتحدة (بصفتها أكبر قوة عسكرية في تلك المنطقة) بحلول عام 2050”. وأضاف: “الصين قد تغزو تايوان في غضون 6 سنوات”، علما بأن واشنطن لا تزال أقوى حليف لتايوان ومزودها الأول بالأسلحة، بل إن الإدارة الأمريكية ملزمة من قبل الكونغرس ببيع الجزيرة أسلحة لتمكينها من مواجهة طموحات بكين.