دينامية الصوت العربي في الانتخابات الإسرائيلية القادمة

لا خلاف على أن الانتخابات الإسرائيلية – الرابعة في غضون أقل من عامين، في آذار/ مارس القادم، لن تسفر عن تغيير جوهري في السياسات الإسرائيلية الداخلية أو الخارجية، في ظل المتغيرات المتسارعة في بنية الأحزاب وتفكك وتراجع شعبية بعضها، وخروج شخصيات مهمة بالاعتزال السياسي، وتنقل وزراء وأعضاء كنيست بين الكتل الحزبية، وسط ترجيح غياب الجنرالات وضباط الجيش الإسرائيلي عن واجهة السباق الانتخابي هذه المرة. كذلك، لا خلاف، على أن نجاح الأحزاب العربية في “القائمة المشتركة” في الانتخابات القادمة، قد لا يجعلها شريكة في حكومة قادمة رغم أهمية الصوت العربي “الموحد” في ظل الانقسامات المتسارعة في المجتمع السياسي الإسرائيلي، وتهافت رئيس الحكومة (بنيامين نتنياهو) عليه.

لقد بات من المؤكد عودة عدد من الأحزاب الصهيونية لمحاولات الفوز بقسط من الأصوات العربية. وبحسب الكاتب الإسرائيلي (موتي توخفيلد): “أحزاب عديدة صرحت بأن ليس لديها مشكلة أن تعتمد على أصوات القائمة المشتركة لتشكيل حكومة، وبينها أحزاب ميرتس، العمل، يوجد مستقبل، وأزرق أبيض. وكان النائب (أفيغدور ليبرمان) من حزب “إسرائيل بيتنا”، وإن كان لم يصرح بذلك علنا، أعطى ضوءا أخضر بالخطوة إلى (بيني غانتس) بعد الانتخابات السابقة في آذار الماضي. ومع ذلك، سيتعين على هذه الأحزاب أن تضم الى الخطة (جدعون ساعر) أو (نفتالي ينيت) أيضا، اللذان من غير المؤكد أن يوافقا على أن يكونا في حكومة تعتمد على القائمة المشتركة”. بالمقابل، يتساءل الكاتب والصحفي السياسي (ناحوم برنياع) أن “بينيت، وكذا ساعر، سيقفان بعد الانتخابات أمام المعضلة إياها التي أفشلت غانتس وجعل الأمور صعبة على ليبرمان: نتنياهو سيعرض عليهما نصف ملكية. والفجوة في المفاهيم الفكرية ستكون طفيفة. ولكنهما سيعرفان بأن الشراكة لن تكون والإتفاقات لن تحترم. فهل سيبحثان عن شركاء على يسارهما، ويحاولان إقامة حكومة في ظل التعاون مع العرب؟ من يقول أنه يمكنه أن يقيم حكومة بدون نتنياهو وبدون العرب على حد سواء سيكذب على الجمهور”.

استطلاعات الرأي التي أجرتها العديد من وسائل الإعلام الإسرائيلية أظهرت أن الأحزاب العربية ضمن “القائمة المشتركة” ستحصل على 10 مقاعد. وتعتبر هذه الأحزاب الأكثر تضررا من المتغيرات بالساحة الحزبية، وتسجل تراجعا في تمثيلها البرلماني وكذلك تراجع تأثيرها على التحالفات الائتلافية بالحكومة المقبلة وذلك لأسباب عديدة ربما أهمها التوجهات السياسية التي يطرحها رئيس كتلة الحركة الإسلامية داخل “المشتركة” النائب منصور عباس، الذي يرى أنه “لم يعد هناك فارق بين يمين ويسار وبالتالي لا باس من التعامل مع أي طرف إسرائيلي، شريطة أن يخدم القضايا الملحّة للمجتمع العربي الفلسطيني”. رغم ذلك، يرى البعض أن عودة الأحزاب الصهيونية، على رأسها “الليكود”، للشارع العربي هدفه تفكيك “القائمة المشتركة” وبعثرة أصواتها. وبعبارات المحللة السياسية (أوريت لفيا – نشيال): “نتنياهو يركز الجهد الأساسي على المجتمع العربي… لقد تحول عدو الأمس (أي العربي) إلى حبيب اليوم. لكن، لدى نتنياهو، لا يوجد حب مجاني… وضحايا التحريض العنصري (أي العرب) تحولوا إلى هدف مغازلة مصيرية متعالية ومتغطرسة ونفعية (لكنها) بالتأكيد ليست قائمة على المساواة والاحترام”.

ختاما، من المؤكد أن الصوت العربي لا يزال مهما. فهو يحمل هموم أكثر من مليون وربع مليون فلسطيني في أراضي 48، وبمقدوره تأكيد انتمائهم إلى شعبهم الفلسطيني وإلى أمتهم العربية من جهة، مثلما أن بمقدوره فضح استمرار سياسات التمييز العنصرية ضدهم من جهة ثانية، إضافة إلى توفر إمكانية مساهمته في إسقاط (نتنياهو) الإنتهازي والفاسد والكاذب في سياساته ووعوده مقارنة بغيره من قادة أحزاب اليمين من جهة ثالثة.