تواصل نجاحات إسرائيل الخارجية (1-2)

كان اهتمام الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بالعلاقات الإفريقية يتصاعد ويتراجع حسب سلم الأولويات. لكن بعد انتهاء عهد السد المنيع الذي أرساه جمال عبد الناصر ضد إسرائيل، وبالذات منذ مجيء رئيس الوزراء (بنيامين نتنياهو) في 2009، شهدت العلاقات الإسرائيلية الإفريقية تطوراً ملحوظاً. ولقد تجسد ذلك في زيارات قام بها إلى أربع دول في إفريقيا هي أوغندا وكينيا ورواندا وإثيوبيا، كانت هي الأولى من نوعها لرئيس وزراء إسرائيلي منذ 50 عاماً، حيث أعلن خلالها أن “إسرائيل تعود إلى إفريقيا، وإفريقيا تعود إلى إسرائيل”. ثم تلا ذلك ثلاث زيارات مشابهة، شارك في واحدة منها في القمة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) في ليبيريا في 2017، كأول زعيم غير إفريقي يُدعى لحضور القمة. واليوم، نرى نجاح “إسرائيل” المضطرد سواء في تجديد أو تأسيس علاقاتها الدبلوماسية مع عدد إضافي من الدول الإفريقية لن يكون آخرها السودان والنيجر قبل أيام.

هذا الوضع لا يقتصر على الدول الإفريقية. “فإسرائيل” ترتبط بعلاقات توصف بـ”العميقة” مع (أذربيجان) منذ أن اعترفت باستقلال الدولة الجديدة في 1991 بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. وبعد عامين، افتتحت “إسرائيل” سفارتها في العاصمة باكو، لتصبح زيارة المسؤولين الإسرائيليين لأذربيجان أمرًا لا ينقطع بحيث لا يوجد بلد في منطقة (أوراسيا) تربطه علاقات أوثق أو أكثر دفئًا مع إسرائيل من أذربيجان. بل إن هذه الأخيرة تكاد تكون أقرب “شريك إسلامي” لإسرائيل. كذلك، (سنغافورة) في الأقصى الآسيوي، حيث اعترف (لي كوان يو) مؤسس سنغافورة، وأول رئيس وزراء لها، بأن “الجيش الإسرائيلي هو من أسس الجيش السنغافوري في العام 1965″، أي بعد انفصالها مباشرة عن (ماليزيا) إثر انسحاب بريطانيا من كل مستعمراتها الواقعة شرقي قناة السويس. وقد بات من المعلوم، أن العلاقات العسكرية تمددت وتوسعت لتشمل التعاون في الصناعات العسكرية الأمنية، وليصبح الجيش السنغافوري من أبرز عملاء الأسلحة التكنولوجية الإسرائيلية. كذلك الأمر بالنسبة للهند، الدولة المؤيدة للقضية الفلسطينية، التي نجحت “إسرائيل” في إيجاد تفاعل معها في مختلف الميادين الاقتصادية والزراعية والعلمية والدفاعية. وقد وجد الاقتصاد الإسرائيلي منفذاً لأسواق شرق وجنوب شرق آسيا الغنية عن طريق الهند، فيما تستفيد الهند من التقنية الإسرائيلية والخبرة في زراعة الأراضي الجافة ونظام الري بالتقطير.

والحال كذلك، في عدد من دول أمريكا اللاتينية حتى قبل فوز قوى ذات توجه يميني في القارة بانتخابات بلادها، مثل البرازيل التي تعهد رئيسها بنقل السفارة إلى القدس المحتلة أو تلك التي نقلت سفارتها فعلا إلى القدس المحتلة مثل هندوراس.

ومع روسيا العلاقات الآن أفضل من أيام الاتحاد السوفييتي. فموسكو التي لم تتمتع سابقا بنفوذ كبير في الشرق الأوسط، وازنت في سياستها بالمنطقة لضمان مصالحها الجيوسياسية والقومية والتجارية فكان لا بد من إسرائيل حيث تلاقت السياستان كما هو الأمر في التعاطي مع الأزمة السورية التي تنسق فيها روسيا إستراتيجياً وأمنياً مع إسرائيل لضمان أمنها في سوريا وخاصة في منطقة الجنوب السوري.

أما الصين، فقد نجح التقارب معها بسبب قدراتهما التكنولوجية وابتكاراتهما التقنية. فبحسب (يائير ألفين) المساعد التجاري لإسرائيل في بكين، فإن “القدرات التكنولوجية الإسرائيلية تحظى باهتمام الصين التي تستثمر قدرا كبيرا من مواردها بتبني التقنيات حول العالم، فيما اعتبرت التطورات التكنولوجية لإسرائيل في البرمجيات والزراعة والصحة والسيارات والمياه والتصنيع محط تركيز العديد من الشركات الصينية، وتتزايد شركات الجانبين، وتظهر المقاييس اتجاهاً تصاعدياً ثابتاً في التجارة والخدمات والاستثمار، والسياحة التجارية، مما ينعكس بزيادة رحلاتهما”.

فما هي الروافع التي استخدمتها/ استفادت منها إسرائيل في تحقيق هذه النجاحات، ويبدو أن الحبل على الجرار؟!!!