الأحدث في مسلسل تهويد القدس
منذ احتلال «القدس الشرقية»، أقدمت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على تنفيذ السياسات والإجراءات الممنهجة بهدف تقليص عدد السكان الفلسطينيين فيها عبر تهجيرهم خارج ديارهم. ومع هزيمة الرئيس الأميركي (دونالد ترمب) بالانتخابات الرئاسية مطلع الشهر، طالعتنا الصحافة الإسرائيلية بقرارات تسرع من فرض الاستعمار/ «الاستيطان» والتهويد في «زهرة المدائن» كأمر واقع قبل صعود الرئيس الأميركي الجديد إلى سدة الرئاسة.
فشل (ترمب) في الاحتفاظ بمكتبه في البيت الأبيض، سلط الضوء على نهج سلطات الاحتلال المتجسد في مجموعة السياسات والإجراءات العنصرية الإسرائيلية المشار إليها أعلاه ضد القدس. ولم يقتصر الأمر على تكثيف «الاستيطان» فحسب، بل تجاوزه إلى خلق ظروف معيشية قاسية للفلسطينيين العرب، علاوة على ممارسة قمع ممنهج، حتى باتت القدس أكثر «ابتعاداً» عن محيطها الفلسطيني بسبب إجراءات الحصار والعزل والإغلاق المفروضة على المدينة، وبالذات مع استغلال سلطات الاحتلال جائحة كورونا.
وقبل نحو أسبوعين، أعلنت بلدية الاحتلال عن إطلاق خطة تهويدية جديدة في «القدس الشرقية» تشتمل على مشروع ضخم لإنشاء وادي السيليكون أو (السيليكون فالي) وهو عبارة عن خطة، سيتم بموجبها توسيع مساحات قطاع المال والأعمال والمحال التجارية والغرف الفندقية بحجم كبير شرق القدس على حساب المنطقة الصناعية فيها والتي ستدمر بالكامل. ويعتبر هذا المشروع الأضخم منذ 1967، ويهدف إلى تطويق البلدة القديمة من الجهة الشرقية، ودمج شطري مدينة القدس، وتكريس السيادة الاحتلالية الإسرائيلية عليها مع تكريس عزل الأحياء الفلسطينية، والسيطرة على 2000 دونم في منطقة حساسة، وإزالة 200 محل تجاري وكراج في حيّ (وادي الجوز) بعضها تلقى، فعلياً، إنذارات الإزالة.
وفي الأسبوع الماضي فقط، كشفت منظمة «عير عميم» (يسارية إسرائيلية تعنى بمتابعة شؤون القدس) عن أن سلطات الاحتلال «استغلت جائحة كورونا، لتسجل عددا قياسيا في عمليات هدم المنازل هذا العام في القدس المحتلة، مقارنة بالسنوات السابقة، رغم أن العام الحالي لم ينته ويتوقع أن تكون هناك عمليات هدم أخرى». وبحسب المنظمة: «هدمت قوات الاحتلال خلال العام الجاري 125 وحدة سكنية وهو رقم قياسي والأعلى منذ 20 عاماً».
في ذات السياق، عبّر كل من مبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط (نيكولاي ملادينوف) والممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي (جوزيب بوريل)، في بيانين منفصلين، عن قلقهما العميق من قرار «إسرائيل» المضي قدما في «البناء ضمن مخطط إقامة مستوطنة «غفعات همتوس» في جنوب القدس المحتلة، باعتباره يضر بشكل كبير بآفاق دولة فلسطينية متصلة في المستقبل وتحقيق حل الدولتين المتفاوض عليه على أساس خطوط 1967، بحيث تكون القدس عاصمة للدولتين».
وعلى الرغم من أن سياسات الاحتلال تستهدف وضع المقدسيين في ظروف قاهرة تدفعهم للرحيل، أوصل أهل القدس – بنضالهم الدؤوب- إلى العالم حقيقة أنهم منزرعون وصامدون في أرضهم دفاعاً عن الشرف الفلسطيني/العربي/المسلم وعن شرف القيم الإنسانية الرافضة لكل احتلال وكل عنصرية.