تجهيل وغسل دماغ للشباب الإسرائيلي
أظهرت دراسة جديدة أعدها أستاذ التاريخ في جامعة تل أبيب (أفنير بن عاموس) إن «التلاميذ الإسرائيليين لا يتعلمون شيئًا حقيقيًا تقريبًا عن الاحتلال، رغم أن الكثيرين منهم سيشاركون في فرضه قريبًا كجنود في جيش يحكم الفلسطينيين ويُفترض أنه (أخلاقي)»! هذه الدراسة، التي كان النائب اليهودي في «القائمة المشتركة» الدكتور (عوفر كسيف) طلب إعدادها، نوقشت في اجتماع لجنة التعليم في «الكنيست» بشأن مسألة تغييب واستثناء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من الكتب المدرسية الإسرائيلية في نظام التعليم الرسمي. ومما أكدته دراسة (بن عاموس) أن: «الاحتلال غائب بشكل شبه تام عن الكتب المدرسية في التاريخ، والمدنيات والجغرافيا. وكذلك الشعب الفلسطيني (غائب)». وأثناء نقاش الكنيست، أوضح (كسيف): «عندما يذكر الاحتلال والشعب الفلسطيني، يتم عرضهما بشكل سطحي وبدون مناقشة متعمقة. والهدف هو حل الجدل حول الاحتلال من خلال تشويه المعرفة التاريخية للجمهور»، مشددا: «المشكلة التي تنشأ ليست سياسية فحسب بل تعليمية. هناك تقويض لأهمية المعرفة والتشكيك والنقد، وهذا ضرر طويل المدى، حيث يؤدي إلى تربية عبيد مطيعين بدلاً من مواطنين مفكرين ومشاركين».
عمليات محو التاريخ الفلسطيني لا تدور فقط في المدارس، بل تتعداه إلى المحاكم والمحفوظات. فقبل نحو شهرين، عثر معهد «عكفوت» الإسرائيلي الذي يهتم باستخراج وثائق رسمية مخبأة في الأرشيفات الإسرائيلية (تتصل بطرائق سلب أراضٍ فلسطينية ومصادرتها لمصلحة المستوطنات) عثر على وثيقة رسمية إسرائيلية، تفضح طرق التحايل التي مورست في أوائل الثمانينيات لمصادرة أراضٍ فلسطينية في الضفة الغربية وطرد أصحابها منها تحت ذرائع مختلفة ابتكرها (أرييل شارون) تتعلق بإقامة «مناطق إطلاق النار» في الأراضي المحتلة لتبرير عمليات الإخلاء الجماعي للفلسطينيين. وقالت صحيفة «هآرتس» أن الوثائق التي ترفض «إسرائيل» رفع السرية عنها رغم انتهاء الفترة القانونية التي تسمح بالكشف عنها، أظهرت «وجود المجتمعات الفلسطينية وهي موضحة على الخرائط التي سبقت قيام إسرائيل»، والحديث ليس عن مناطق 1948 بل عن كل فلسطين التاريخية.
وفي سياق متمم شهده الشهر الماضي، كشف «مراقب الدولة» الإسرائيلي (هيئة رقابية) أن «هناك أكثر من مليون وثيقة مؤرشفة ما يزال يتعذر الوصول إليها، على الرغم من أنها تجاوزت تاريخ رفع السرية عنها». وبحسب الصحافة الإسرائيلية التي تابعت الموضوع وعلى رأسها «هآرتس» تم التأكيد على أنه: «مع ذلك، تسربت وثائق أكدت عددا من المذابح واسعة النطاق ارتُكبت في حق المدنيين الفلسطينيين في 1948–العام الذي أقيمت فيه إسرائيل عن طريق تجريد الفلسطينيين من وطنهم. كما عززت ملفات أخرى (المزاعم) الفلسطينية بأن إسرائيل دمرت أكثر من 500 قرية فلسطينية خلال عمليات الطرد الجماعي التي نُفذت في العام نفسه، من أجل ثني اللاجئين عن محاولة العودة». وفي تقريرها اللافت عن الموضوع، أكدت «هآرتس»: «في واقع الأمر، كما تكشف الأرشيفات، حجبت إسرائيل دورها في التطهير العرقي الذي مورس في العام 1948 عن طريق اختراع قصة تغطية تقول بأن القادة العرب هم الذين أمروا الفلسطينيين بالمغادرة»!