(لوكاشينكو) روسيا البيضاء “العاهة” العربية!!!

تجذرت قوة المظاهرات في بيلاروسيا (روسيا البيضاء) رفضا لنتائج الانتخابات في التاسع من آب/ أغسطس الماضي تنديدا بإعادة انتخاب الرئيس (ألكسندر لوكاشينكو) الذي يحكم البلاد بيد من حديد منذ 26 عاما في الجمهورية السوفياتية السابقة. ففيما يطالب المحتجون الرجل القوي (لوكاشينكو) بالتنحي عن السلطة، ناشد الأخير روسيا لمساعدته أمام تصاعد الغضب الشعبي والضغوط عليه، معتبرا أن بلاده تواجه تدخلا خارجيا، في وقت أعلن الاتحاد الأوروبي إنه يستهدف فرض عقوبات اقتصادية على (31) من كبار المسؤولين في بيلاروسيا، بينهم وزير الداخلية ومسؤولون كبار عن الانتخابات، التي يراها الغرب مزورة، وعن أعمال العنف والقمع.

وفي نظرة إلى الخارطة يتبين أن بيلاروسيا محادية في الغرب لأعضاء “حلف الناتو” بولندا وليتوانيا ولاتفيا، وفي الجنوب لها حدود مع أوكرانيا، وفي الشرق مع روسيا، وهي تنتمي للتحالف العسكري بقيادة روسيا “منظمة اتفاقية الأمن المشترك”، الذي يفرض المنطق أنها تراهن على أن تبقى بيلاروسيا دولة مؤيدة لها، حتى لو جاء رئيس آخر غير (لوكاشينكو) ما دامت وجهته ليست نحو الغرب والاتحاد الأوروبي أو حلف الناتو.

كذلك، فإن المعارضة الليبرالية التي سرعان ما حصلت على الدعم الأوروبي، تبقى مؤيدة لروسيا حتى بدون (لوكاشينكو)، فالمنافسة الأقوى للرئيس السياسية الشابة (سفيتلانا تيخانوفسكايا)، التي لجأت إلى ليتوانيا بعد الفوز الساحق(!!!) للأخير بالانتخابات (80.08% من الأصوات)، كانت قد حشدت خلفها فصيلين معارضين مواليين لروسيا، وهي التي تعتبرها بعض أطياف المعارضة تحظى بدعم غير علني من الكرملين، لاعتمادها، حسب ما صرحت، على سياسة “أصدقاء مع الجميع”، بما يشمل قضية القرم التي قالت فيها إن “شبه الجزيرة.. أوكرانية بحكم القانون وروسية بحكم الواقع”. كذلك الحال مع (فيكتور باباريكو) الذي اعتقله (لوكاشينكو) وكان أحد المرشحين لمنصب الرئاسة ويعمل مدير مصرف مملوك لشركة “غازبروم” الروسية العملاقة. وكذلك الوضع مع المعارض (فاليري تسيبالكو) الذي هرب إلى روسيا مع أطفاله بعد وقت قصير من منع ترشحه. ورغم ذلك، فالمعارضة التي لم تثنها إجراءات القمع السياسي، توحدت كلها تقريبا حول (تيخانفوسكايا) التي باتت تحظى بشعبية واسعة مدفوعة بإحباط شعبي من النظام القائم، رسخه الركود الاقتصادي.

بالمقابل، وبعيدا عن تصريحات الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) بشأن بيلاروسيا، جاءت التصريحات الأوروبية والروسية داعمة للحوار بين الحكومة والمعارضة. فالاتحاد الأوروبي يخشى من منح روسيا أي ذريعة للادعاء القائل بأن “الاتحاد” يتدخل من الخارج ولذلك تحدث مسؤولوه بلهجة دبلوماسية ولم يطالبوا باستقالة (لوكاشينكو). بل إن المستشارة الألمانية (أنغيلا ميركل) والرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) اتفقا على رفض أي “تدخل من الخارج” إذ يعلم الكرملين إن بيلاروسيا ليست أوكرانيا 2014، فالشعب البيلاروسي لم يعرف عنه سوى تأييده، عموما، لروسيا، بل إن سياسة (لوكاشينكو) الخارجية، جعلته لا يرضخ للرغبة الروسية في بناء قاعدة عسكرية روسية أكبر في بيلاروسيا، ورفض فكرة الرئيس (بوتين) في الاندماج الأوثق مع روسيا، وكان دوما ملتزما بالاستقلالية، وربط علاقات جيدة مع “حلف الناتو”، وشارك في بعض برامج “الحلف”.

خلاصة القول: تبقى مشكلة كبيرة عند كثير من أبناء بيلاروسيا قوامها سؤال مركزي: هل يعقل أن لا بديل عن (لوكاشينكو) بعد أن حكم البلاد على مدى (26) عاما؟! فالكثيرون يثيرهم تشبثه بكرسي الحكم بدون إفساح المجال لبديل عنه، ولا حتى من حزبه أو جماعته؟!! هل نحن أمام رئيس جمهورية عربية؟!!!