عندما تتقلب «إسرائيل» على نيران «الجنائية الدولية»

يتوقع أن تصدر «المحكمة الجنائية الدولية» في لاهاي قرارها حول جرائم الحرب الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، وهو القرار الذي تخشاه «إسرائيل» ما جعلها تمنع مئات المسؤولين الحاليين والسابقين من مغادرة فلسطين المحتلة خشية اعتقالهم. وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن «الجنائية الدولية» ستتبنى موقف المدعية العامة في «المحكمة» (فاتو بنسودا) بشأن صلاحية «المحكمة» بالتحقيق في جرائم حرب إسرائيلية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس، يرتكز على مسألتين من الجرائم الإسرائيلية: أولهما، يتعلق بارتكاب ضباط وج?ود إسرائيليين جرائم حرب بموجب تعليمات القيادة السياسية، وثانيهما يتعلق ببناء المستعمرات/ «المستوطنات» المناقضة للقانون الدولي. «إسرائيل» تعارض أي تحقيق لأن «السلطة الفلسطينية» ليست «دولة»، رغم معرفتها أنه في حال قررت «المحكمة» إجراء تحقيق، فإن هذا يمكن أن يؤدي لملاحقة مسؤولين سياسيين وعسكريين إسرائيليين، بمستويات مختلفة تبدأ برئيس الحكومة ورئيس أركان الجيش وغيرهما، وفي حال رفض هؤلاء المثول أمام «المحكمة»، فبإمكانها إصدار مذكرات اعتقال بحقهم في دول العالم، باستثناء الولايات المتحدة، التي تقف مع «إسرائيل» في?هذا الشأن.

القلق الإسرائيلي، من القرار المرتقب الذي سيقر ولاية «المحكمة» على الأراضي الفلسطينية وما ارتكب فيها من جرائم ضد الإنسانية، يتصدر الصحافة الإسرائيلية. فأكثر ما يخيف «إسرائيل» أن هكذا قرار يمكن أن يطال جرائم إسرائيلية أخرى في سنوات سابقة، معتبرة أن المؤشرات ستقود مكتب (بنسودا) إلى الخروج بهكذا قرار، مشيرة إلى ثلاثة مؤشرات: 1) عدد الشكاوى والملفات المغلقة دون تحقيق نزيه ومستقل. 2) التحقيقات المصطنعة ضد جنود الرُتب الدنيا بهدف حماية صُناع القرار من الملاحقة القضائية. 3) عدم رغبة «إسرائيل» في احترام القانون الد?لي لحقوق الإنسان. في هذا السياق، أعدت «إسرائيل»–باعتراف صحيفة «هآرتس»–قائمة من 300 مسؤول إسرائيلي يمكن لقرار «المحكمة الدولية» أن يضعهم تحت طائلة المساءلة والمحاكمة. والحال كذلك، فإن الأنكى يتجسد في أن المقارفات الاحتلالية مستمرة ضد الشعب الفلسطيني الذي لا يزال يتعرض لممارسات صهيونية منظمة كالقتل والاعتقال ومصادرة الأراضي وتدمير المنازل والبنى التحتية وطرد السكان، كما تعرض هذا الشعب لقصف بالأسلحة المحرمة دوليًا وللمجازر وللحصار الجماعي.

لطالما راود الفلسطينيون حلم اقتياد قادة الاحتلال إلى «المحكمة الجنائية الدولية» الذي، إن هو تحقق، يخفف من أوجاع ملايين الفلسطينيين وينصف من استشهدوا أو أصيبوا أو من هجر ذووهم، نتيجة لمقارفات الاحتلال. ومما يجدر ذكره حقيقة أنه لو رفضت «إسرائيل» التعاون مع «الجنائية الدولية»، فإن ذلك يمكن أن يدفع «المحكمة» إلى إصدار أوامر اعتقال سرية ضد إسرائيليين ولن تتمكن «إسرائيل» حينها من العلم بتلك الأوامر بالضرورة. وهنا يجدر التنويه بأهمية لجوء الفلسطينيين إلى «المحكمة الجنائية الدولية» لملاحقة مجرمي الحرب من الإسرائيل?ين. ومثل هذه الفرصة الذهبية تحتاج إلى مواصلة، بل تعزيز، التحرك الفلسطيني في المحافل الدولية بحيث تكون الآلة الدبلوماسية والإعلامية الفلسطينية، مدعومة من أنصارها بين شرفاء العالم، جاهزة ومستعدة للمواجهة ليتم كيّ «إسرائيل» بنيران عدل «الجنائية الدولية».

Dr.asad

كاتب وباحث عربي، ومحلل سياسي مختص في القضايا الفلسطينية وشؤون الصراع العربي الإسرائيلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى