السلطة الفلسطينية: تحولات مطلوبة
في ظل «مخطط الضم» الإسرائيلي و«صفقة القرن»، تم بشكل جذري قطع الطريق على تطور السلطة الوطنية الفلسطينية إلى دولة، رغم أنه، ومنذ أوسلو، دار الحديث عن تطور السلطة إلى دولة عبر «حل الدولتين» الذي وافق عليه العالم أجمع. غير أنه، مع دخول (دونالد ترمب) البيت الأبيض، بات (بنيامين نتنياهو) يصيغ ما يحلو له من مواقف ويوقع عليها (ترمب).
في العام 1994 تشكلت السلطة الفلسطينية كهيئة مؤقتة مدتها خمس سنوات يعقبها إجراء مزيد من المفاوضات بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني فيما يتعلق بوضعها النهائي. ومع انغلاق الأفق السياسي تماما وإعلان السلطة الفلسطينية عن استعدادها بتسليم مفاتيح الحكم في الضفة الغربية للاحتلال الإسرائيلي والتخلي عن مسؤولياتها الإدارية تماما، بمعنى حل السلطة والعودة إلى مرحلة ما قبل أوسلو، لم يعد لهذه السلطة قيمة من الناحية العملية.
يرى البعض أن حل «السلطة» خيار انتحاري، كونها «إنجاز وطني»، وذراع لمنظمة التحرير الفلسطينية، وخطوة على طريق تأسيس الدولة. كما أن هدم السلطة يعني انهيار مؤسسات استغرق تأسيسها سنوات طويلة، على أمل – ولو ضعيف جدا – بالتوصل لاحقا لإقامة دولة فلسطينية، فضلا عن أن المعطيات على أرض الواقع أثبتت – أو يمكن أن تثبت–أن «السلطة» يمكن أن تصبح عدوة رئيسية «لإسرائيل». وعليه، يرى هذا البعض في موقف القيادة الفلسطينية، التي تحللت من جميع الاتفاقات والتفاهمات مع الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية، ومن بينها «أوسلو»، يرى بداية ا?تغير الوظيفي «للسلطة» بحيث أنه، وفي ظل «مخطط الضم»، لن تستطيع «إسرائيل» المغامرة بإضعاف أكثر «للسلطة» خوفا من إسقاطها وعندها تتحمل مسؤوليات الاحتلال المباشر بكل تعقيداته، خاصة من الناحية الاقتصادية. «فإسرائيل» لا تريد أن تتكلف ماديا من خلال الصرف على الفلسطينيين حال انهيار السلطة، كما أنها غير معنية بدخول جنودها إلى أماكن مكتظة بالفلسطينيين، مع الإشارة إلى أن الانقسام الفلسطيني وغياب خطة عمل فلسطينية وطنية شاملة، كلها، تجعل من مبدأ حل السلطة أمرا مستبعدا.
إسرائيل، وأحباؤها، باتوا في حيرة. فمن جانب، هي لا تريد وجود «سلطة» تحاربها بل تريد سلطة تخدمها. ومن جانب آخر، هي لا تريد المغامرة بإسقاطها. وفي كل الأحوال، باتت الجماهير الفلسطينية تدرك، بل وتطالب، بأنه رغم الصعوبة، فإن البديل الواقعي هو تحويلها الى سلطة شعبية في مواجهة الاحتلال، شريطة امتلاك الأدوات الضرورية للتنفيذ، وامتلاك (الفصائل والقوى الوطنية والشعب) رؤية تحد من تبعات حل السلطة على معيشة الفلسطينيين، في ظل برنامج يقود نضالهم الوطني، مع إعادة دور منظمة التحرير السياسي والاجتماعي والثقافي، الذي همّش م?ذ أوسلو لصالح مؤسسات السلطة الفلسطينية!