هل تتقلب “إسرائيل” على نيران “الجنائية الدولية؟
تنتهي العطلة الصيفية السنوية “للمحكمة الجنائية الدولية” في لاهاي منتصف آب/ أغسطس الجاري، حيث يتوقع أن تصدر قرارها حول جرائم الحرب الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، وهو القرار الذي تخشاه “إسرائيل” ما جعلها تمنع مئات المسؤولين الحاليين والسابقين من مغادرة فلسطين المحتلة خشية اعتقالهم. والتقديرات الإسرائيلية تشير إلى أن “الجنائية الدولية” ستتبنى موقف المدعية العامة في “المحكمة” (فاتو بنسودا) بشأن صلاحية “المحكمة” بالتحقيق في جرائم حرب إسرائيلية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية ومنها القدس، يرتكز على مسألتين من الجرائم الإسرائيلية، الأول يتعلق بارتكاب ضباط وجنود إسرائيليين جرائم حرب بموجب تعليمات القيادة السياسية، والثاني يتعلق ببناء المستعمرات/ “المستوطنات” المناقضة للقانون الدولي. لكن “إسرائيل” تعارض أي تحقيق لأن السلطة الفلسطينية ليست دولة، رغم معرفتها أنه في حال قررت “المحكمة الدولية” إجراء تحقيق، فإن هذا يمكن أن يؤدي إلى ملاحقة مسؤولين سياسيين وعسكريين إسرائيليين، بمستويات مختلفة تبدأ برئيس الحكومة ورئيس أركان الجيش. وفي حال رفض هؤلاء المثول أمام “المحكمة”، بإمكان “المحكمة” إصدار مذكرات اعتقال بحقهم في معظم دول العالم، باستثناء الولايات المتحدة، التي تقف مع “إسرائيل” في هذا الشأن.
الصحافة الإسرائيلية تواصل الإشارة إلى حجم القلق الإسرائيلي من القرار المرتقب الذي سيقر ولاية المحكمة على الأراضي الفلسطينية وما ارتكب فيها من جرائم ضد الإنسانية. ومن أكثر ما يخيف “إسرائيل” أن هكذا قرار يمكن أن يطال جرائم إسرائيلية أخرى في سنوات سابقة. في هذا السياق، أعدت “إسرائيل” باعتراف صحيفة “هآرتس” قائمة من 300 مسؤول إسرائيلي يمكن لقرار “المحكمة الدولية” أن يضعهم تحت طائلة المساءلة والمحاكمة. والأنكى أن المقارفات الاحتلالية مستمرة ضد الشعب الفلسطيني الذي لا يزال يتعرض لممارسات صهيونية منظمة كالقتل والاعتقال ومصادرة الأراضي وتدمير المنازل والبنى التحتية وطرد السكان، كما تعرض لقصف بالأسلحة المحرمة دوليًا وللمجازر وللحصار الجماعي.
والحال كذلك، لطالما راود الفلسطينيون حلم اقتياد قادة الاحتلال إلى “المحكمة الجنائية الدولية”، الذي إن هو تحقق يشفي أوجاع ملايين الفلسطينيين، ممن استشهدوا أو أصيبوا أو هجر ذووهم، نتيجة لجرائم الاحتلال. ومما يجدر ذكره حقيقة أنه لو رفضت “إسرائيل” التعاون مع “الجنائية الدولية”، فإن ذلك يمكن أن يدفع “المحكمة” إلى إصدار أوامر اعتقال سرية ضد إسرائيليين ولن تتمكن “إسرائيل” حينها من العلم بها بالضرورة.
لطالما أكدنا أهمية لجوء الفلسطينيين إلى “المحكمة الجنائية الدولية” لملاحقة مجرمي الحرب من الإسرائيليين. ومع ذلك فإن مثل هذه الفرصة الذهبية تحتاج إلى مواصلة بل تعزيز التحرك الفلسطيني في المحافل الدولية بحيث تكون الآلة الدبلوماسية والإعلامية الفلسطينية، مدعومة من أنصارها بين شرفاء العالم، جاهزة ومستعدة للمواجهة وكيّ “إسرائيل” بنيران عدل “الجنائية الدولية”.