«المستوطنون الإسرائيليون»: مقارفات ممنهجة

في المشهد الفلسطيني، تتصاعد المقارفات التي يقوم بها المستعمرون/ «المستوطنون» في أنحاء الضفة الغربية ضد الوجود والصمود العربي الفلسطيني عموما، وضد الأماكن المقدسة والمعابد والمساجد على نحو خاص. تلك الممارسات التنكيلية التي تزايدت في ظل أزمة فيروس كورونا، بحق الفلسطينيين وأراضيهم وممتلكاتهم في جميع أنحاء «الضفة» المحتلة. وقد سجل «معهد الأبحاث التطبيقية – القدس (أريج)» ومنذ انتشار الفيروس «93 حالة اعتداء من قِبل المستوطنين في مختلف مناطق الضفة الغربية شملت الاعتداء الجسدي واللفظي مستهدفة الأطفال وحتى المسنين من رجال ونساء. هذا، بالإضافة إلى الاعتداء على الأشجار المثمرة، والاقتحامات المتكررة للأماكن التاريخية والدينية وخاصة المسجد الاقصى المبارك في مدينة القدس المحتلة، وتدمير الممتلكات الفلسطينية من منازل وسيارات، وكذلك الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين والسيطرة عليها لصالح البرنامج الاستيطاني والاعتداء على شواهد القبور».

لقد أصبح عُنف المستعمرين/ «المستوطنين» ضد الفلسطينيين خدمة للدولة المحتلة. «فجيش الدفاع» يسمح بهذه الاعتداءات بل أحياناً يحمي المستعمرين/ «المستوطنين» خلال تنفيذها، وفي أحيان أخرى يعتدي جنود الاحتلال بأنفسهم منضمين إلى «المستوطنين». وبحسب «مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة – بتسيلم»: «فقط في حالات نادرة تحقّق أجهزة إنفاذ القانون في هذه الاعتداءات ويندر أكثر أن تُتخذ إجراءات ضدّ المتورّطين في الاعتداءات ويعلم المستوطنون جيّداً أنّ تحمّل العواقب في حال اعتدائهم على الفلسطينيّين احتمال ضئيل جدّاً ولذلك يواصلون هجماتهم دون رادع أو عائق… وبدعم الجيش، يعيش المستوطنون في عالم يتمتعون فيه بحصانة شبه تلقائيّة. وعلى نقيض ذلك يبقى الفلسطينيّون مُدانين حتى تثبت براءتهم»! في هذا الشأن، أكدت جمعية «يوجد حكم» الإسرائيلية، أن «عدد وخطورة حالات العنف ضد الفلسطينيين التي تمت معالجتها مؤخراً كبيرة جدا. لكن السلطات تواصل الاستخفاف بحياة الفلسطينيين، وتوفر للمعتدين الحماية ولا تعتقل المشاغبين».

في السياق، تزايدت الاعتداءات ضد الأماكن المقدسة والمعابد والمساجد على نحو خاص. فبعيداً عن المسجد الأقصى الذي ينتهك ويقتحم يوميا، أضرم «مستوطنون» النار في مسجد «البر والإحسان» في مدينة البيرة. وفي هذا الإطار، تقول الكاتبة الإسرائيلية (عميره هاس): «رسالة مشعلي النار في مسجد البيرة هي: شاهدونا. نحن نفعل وسنفعل ما نريد لأن الشرطة لن تكلف نفسها عناء العثور علينا. كما أن الجيش لن يسلمنا. واذا تم القاء القبض علينا، فلن يقدمونا للمحاكمة. واذا قدمونا للمحاكمة، فإن القضاة سيقومون بتبرئتنا بذريعة ما. هكذا يستمر الامر منذ سنوات. رسالة الإحراق واضحة: يجب على الفلسطينيين الإختفاء من هناك. وإذا لم يفعلوا ذلك بإرادتهم فسنقوم، نحن اليهود المجهولين، بإجبارهم على الاختفاء»!!!

هذه هي حقائق المشهد الاستعماري/«الاستيطاني»، في ظل إجماع إسرائيلي على شعار «الاستيطان أولا»، حيث بدأت هذه الحالة تأخذ شكلاً أكثر تنظيما، مع تزايد أعداد المسؤولين الإسرائيليين المشاركين فيها، مقرونة بمقارفات متنامية من غلاة المستعمرين/ «المستوطنين»، مع مواكبة من أعضاء «كنيست» ومسؤولي أحزاب تنتمي إلى اليمين الإسرائيلي الحاكم.

Dr.asad

كاتب وباحث عربي، ومحلل سياسي مختص في القضايا الفلسطينية وشؤون الصراع العربي الإسرائيلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى