هل تسقط التظاهرات (نتنياهو)؟
ما زال عشرات آلاف الإسرائيليين يتدفقون يوميا تقريبا للتظاهر في الشوارع، وللأسبوع السادس على التوالي، احتجاجا على “سوء إدارة” رئيس الوزراء (بنيامين نتنياهو) للأزمة الاقتصادية الناجمة عن فيروس كورونا المستجد، هاتفين أيضا بمكافحة الفساد وبالذات فساد (نتنياهو). ولقد شهدت بعض الاحتجاجات اليهودية هذه مواجهات عنيفة مع الشرطة وحرس الحدود الذين تدربوا على قمع الفلسطينيين في أراضي 67، بل إنهم وقفوا على الحياد عندما اعتدى نشطاء اليمين المؤيد (لنتنياهو) عليهم.
ورغم أن أغلب الاعتداءات التي استهدفت المتظاهرين سجلت على أنصار (نتنياهو)، فإن السياسيين والصحفيين المحسوبين عليه يواصلون التحذير من “انجرار التظاهرات إلى عنف”. ومن أبرز الأمثلة ما قالته وزيرة المواصلات (ميري ريغيف): “لم يكن أبدا رئيس حكومة مهددا بالقتل مثل نتنياهو، يجب عدم التسامح مع كل محرّض. المظاهرات مصنع تحريض ضد نتنياهو”. أما شريكه في الحكومة، وزير “الدفاع” الجنرال (بيني غانتس) فقد حذر من “اندلاع حرب أهلية حال استمرت الاعتداءات على المتظاهرين من قبل أنصار اليمين المتطرف”، داعيا: “الجميع، من اليمين واليسار، إلى التوقف عن التحريض والكراهية”. غير أن انتقادات عديدة وجهت إلى نهج (نتنياهو). فمثلا، كتب المحلل السياسي (ناحوم برنيّاع): “نتنياهو لا يعرف كيف يتعامل مع موجة التظاهرات هذه، عبر احتوائها كما حدث في احتجاجات العام 2011”. ومن جهته، اعتبر المحلل السياسي (يوسي فيرتر): “نتنياهو المتهم بالفساد “الأكثر خطراً” على إسرائيل يسعى إلى “إحراقها”. وأضاف: “بعدما زادت أزمة رئيس الحكومة السياسية والقانونية والعائلية، يقوم بتنفيذ المرحلة الحاسمة في خطته وهي إشعال إسرائيل عبر زعران اليمين المتطرف المتسلحين بالعصي والزجاجات في شوارع تل أبيب، واعتداءاتهم على متظاهرين سلميين ملتزمين بالقانون يطالبون نتنياهو بالرحيل”. ويتناول الصحفي اليهودي (نير حسون) عنف اليمين من زاوية أخرى: “مظاهر عنف نشطاء اليمين ضد المتظاهرين هي بمعانٍ كثيرة تعبير عن الإحباط الشديد في أوساط اليمين المتشدد إزاء نجاح الاحتجاج ضد نتنياهو. هم أيضاً يدركون أن المتظاهرين هنا كي يبقوا، وفي غياب قوة في الشارع، هم يتوجهون نحو العنف”.
وإن كان النجاح السياسي للاحتجاجات ليس مضموناً بعد، فإنها تثير قلق (نتنياهو) ومؤيديه على حد سواء. فهذه الاحتجاجات اليوم ربما تكون الأكثر تسييسا وموجهة لشخص (نتنياهو) الذي يرى المحتجون، أنه في ظل الأزمات المتلاحقة، لا يفكر إلا في شخصه وفي محاكمته بقضايا الفساد. واللافت أن هذه الاحتجاجات مستمرة ولا تتراجع، بل إن الشباب اليهودي يواصل الانضمام لها.
والآن، بات من الواضح أن المحتجين، بحسب الكاتب الصحفي الإسرائيلي (بن – درور يميني): “لا ينتمون إلى تيار واحد ولا إلى حزب واحد ولا إلى حركة واحدة، فأغلبيتهم يريدون دولة سليمة أكثر”. أما الكاتب الإسرائيلي (أوري مسغاف) فيبدو أكثر تفاؤلا: “ما يحدث تغيير دراماتيكي انتظرناه كثيرا. الشباب الغاضبون مليئون بروح التمرد الشبابي ويجلبون معهم روح جديدة وطاقة مجنونة. والأمر قد يستغرق المزيد من الوقت، لكني أؤمن بأنهم هم وآباؤهم سيسقطون نتنياهو”.