معسكر المستعمرين/ “المستوطنين” الرافض للضم!

في ظل ما عرف باسم “خطة السلام” التي طرحها الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) ومخطط رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) المتعلق بضم أجزاء من الضفة الغربية، تظهر معسكرات سياسية إسرائيلية رافضة لذلك وفق أولوياتها وسياساتها. على رأس هؤلاء يأتي معسكر يضم الجزء الأكبر من كتلة المستعمرين/ “المستوطنين” ومؤيديهم المتحمسين الذين يسكنون داخل “الخط الأخضر”. وبحسب صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية: “يُواجه نتنياهو فجأة بمقاومة شديدة، أهمها بروز اعتراضٍ غير متوقع في صفوف قادة المستوطنين الذين حرضوا على ضم تلك الأراضي طيلة سنوات”.

ومع أن بعض “المستوطنين” يرون المخطط “فرصة تاريخية” ثبتتها “صفقة القرن” ويجب اغتنامها، فإن الجزء الأكبر في أوساط قادة هؤلاء علاوة على اليهود القوميين المتطرفين يرون جانبا سلبيا خطيرا على دولتهم الشاملة “كل الأراضي الواقعة بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن – أرض إسرائيل الكبرى”، ويرفضون الضم التدريجي أو المحدود. وهم يرون في مخطط الضم خطراً مستقبليا بإمكانية التخلي عما يسمونه “جزءا مقدسا من أراضي (أرض إسرائيل)”، لتشكيل دولة فلسطينية، يتحدث عنها الرئيس الأمريكي (رغم أنها لن تخرج عن كونها دولة “بنتوستان فلسطينية”) في قلب “وطنهم التاريخي”، كما يزعمون.

في وصفها لطبيعة فكر هذه الفئة، تقول الكاتبة الإسرائيلية (تانيا هاري): “هم جزء من المجتمع، الذي لديه قوة غير متناسبة، ويعتقد بحقه في السيطرة على البلاد بدون التزامات تجاه الفلسطينيين الذين يعيشون إلى جانبهم بدون حقوق متساوية. المستوطنون وشركاؤهم لا يختبئون الآن وراء البقرة المقدسة للأمن، وهم يستثمرون الجهود في تثبيت حقائق من أجل استمرار الوضع الراهن الذي يعمل لصالحهم”. ويقول الكاتب الإسرائيلي (رامي لفني) في صحيفة “هآرتس”: “موافقتهم على الضم لا تنبع من عدم معرفة. هم لا يعرفون ما هو الضم. هي نغمة فارغة، حدث لها ما حدث لكلمات مثل “سلام” و”دولة فلسطينية” التي، بعد فترة طويلة من حملة الانحطاط وزيادة غباء الوعي المدني لدى (شعب) إسرائيل تحت حكم نتنياهو، تم اجتثاثها من كل خطاب ذي صلة، ومن كل سياق ومن كل ذكرى أو مشاعر حية، سواء وطنية – صهيونية أو جيوسياسية”.

هذه المعارضة بين “المستوطنين” تشكل عقبة مربكة (لنتنياهو) الذي أصدر الوعود بالضم على مدار ثلاث حملات انتخابية متتالية العام الماضي. وهؤلاء يرون بأن رؤية (نتنياهو) للضم “مصيبةٌ تنذر بموت الصهيونية الدينية”، مثلما أنها تترك كثيراً من “المستوطنات” في جيوب منفصلة ستعزل ساكنيها أكثر عن بقية “إسرائيل”. والنتيجة، بحسب زعمهم، تفريغ “المستوطنات” من مضمونها، فبحسب (يوشاي دامري) الزعيم المحلي “للمستوطنين” ورئيس المجلس الإقليمي لجنوب جبل الخليل في الضفة الغربية: “لن يرغب أحد في العيش في جيب منعزل، ولن يرغب أحد في بناء منزل في جيب، ولن يتمكن أحد من بيع منزله في جيب”. والجدال، بل الصراع، بين هذه الأطراف لا يزال محتدما.