(ترامب): أكروبات ديني؟!!!
تغرق الولايات المتحدة في أتون حريق عرقي لم تشهد له مثيلا منذ أكثر من نصف قرن. فالاحتجاجات تتواصل في ظل أعمال عنف وفوضى وانهيار واضح للقانون، مع تفكير الرئيس (دونالد ترامب) فقط بالانتخابات الرئاسية المقبلة ما جعله يأمر بفض اعتصام أمام البيت الأبيض ثم يقف ويتصور رافعا الإنجيل أمام كنيسة القديس يوحنا الأسقفية التاريخية، مقصد صلوات الرؤساء الأمريكيين للصلاة منذ 200 عام، ما أثار احتجاج الزعماء الدينيين الذين اتهموه باللجوء إلى الدين لـ “تزعّم” المشهد أثناء الصراع الوطني العميق. فقد رفض كبير الأساقفة وأكبر زعيم ديني كاثوليكي في واشنطن (ويلتون جريجوري) تصرفات (ترامب). كما انتقد الأسقف (مايكل كوري) رئيس المجلس التنفيذي للكنيسة الأسقفية الرئيس الأمريكي “لاستخدامه الكنيسة والكتاب المقدس لغايات حزبية”. أما القس (جيني جيرباسي) عميدة الكنيسة في حي جورج تاون بواشنطن، فقالت إنها “اهتزت بشدة” وحثت (ترامب) على العيش بكلمات الكتاب المقدس “بدلا من حملها كدعم”. أما أقسى الانتقادات فجاءت على لسان (ماريان بادي) رئيسة قساوسة واشنطن في الكنيسة الأسقفية البروتستانتية، حيث قالت: “ما فعله ترامب تمثيلية، تتناقض مع تعاليم المسيح، ولا تحمل عزاءً للمتألمين بعد مقتل فلويد”، مضيفة: “الكنيسة تقف مع مطالب المحتجين في إلغاء العنصرية، وتحيد نفسها عن خطاب الرئيس الناري”.
تفاعلت هذه الصدمة لأنه لا يعرف عن (ترامب) تدينه فكل ما يهمه حشد تأييد الإنجيليين لمستقبله السياسي. ولذلك، كان غريبا أن يتحوّل الكتاب المقدس إلى جزء من صورة (ترامب) الإعلامية. وفي السياق، اتهمته النائب الديمقراطية (أبيجيل سبانبرغر) “بخيانة أسس حكم القانون”. وقالت إنه “بصفتي ضابطة سابقة في وكالة الاستخبارات المركزية أعرف هذه الاستراتيجية”. بدوره، شنّ وزير الدفاع السابق (لترامب) الجنرال المتقاعد (جيمس ماتيس) هجوما لاذعا واصفا الحادث بأنه “إساءة استخدام للسلطة التنفيذية. وترامب هو أول رئيس في حياتي لا يحاول توحيد الأمريكيين، بل إنه حتّى لا يدّعي بأنّه يحاول فعل ذلك. بدلًا من ذلك، فإنه يحاول تقسيمنا”. كما وجه وزير الخارجية الأمريكي الأسبق (كولن باول) انتقاداً حاداً لتعامل (ترامب) مع المظاهرات. وقال (باول) الجمهوري في إشارة إلى (ترامب): “إنه يكذب في أمور، ويفلت منها لأن الناس لن يحاسبوه. سأصوت للمرشح الديمقراطي، جو بايدن، في انتخابات الرئاسة. خطاب الرئيس يشكل خطراً على الديمقراطية الأمريكية، بالتأكيد لا أستطيع بأي حال من الأحوال دعم الرئيس ترامب هذا العام”.
إن رفع (ترامب) للإنجيل “استعراض” انتخابي وهو نوع من “التعويذة المقدسة” لتكريس صورته كالقائد المختار”، بحسب وصف صحيفة “واشنطن بوست”. من جهتها، كتبت مجلة “فورين بوليسي”: “التشريعات الأمريكية، هي من بين القليلة في العالم، التي لا تجرم إحراق الكتب المقدسة والأعلام، لكونها تتعارض مع مبدأ تكريس الأيقونات، ورفع ترامب للإنجيل أمام كنيسة، لا يعدّ فقط لامبالاة باحتجاجات الأمريكيين، بل هو تقليد غير مستحب في السياسة الأمريكية”.
لقد أظهر استطلاع للرأي من “معهد أبحاث الدين العام”، وهو منظمة غير حزبية وغير ربحية، تراجعا مزدوجا في دعم (ترامب) بين الإنجيليين البيض والكاثوليك في الفترة من آذار/ مارس إلى نيسان/ إبريل، وهو الأمر الذي أوضحه (روبرت بي جونز) الرئيس التنفيذي للمعهد، حين أشار إلى بيانات تظهر إن “عدد الناخبين الإنجيليين البيض يتقلص في الولايات المتحدة، مما يعني أن ترامب “يحتاج إلى أداء مفرط” بين مؤيديه الدينيين الأساسيين من أجل الفوز في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل”!