مواقف إسرائيلية كاشفة لمعاني ومضامين ضم الضفة

مخطط ضم مناطق في الضفة الغربية المحتلة إلى “إسرائيل”، وبضمنها المستعمرات/ “المستوطنات” وغور الأردن، ستكون له عواقب قد تمنع (بنيامين نتنياهو) من تنفيذه. وقد بدأ التشكيك سريعا في احتمال أن تقدم الحكومة الإسرائيلية الجديدة، المؤلفة من حزبي “الليكود” و”أزرق أبيض”، على تنفيذ ضم المستعمرات/ “المستوطنات” وغور الأردن.

إن لدى (نتنياهو) ضوء أخضر لبدء ضم أجزاء من الضفة، لكن بالتنسيق مع إدارة الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب)، وذلك اعتبارا من الأول من تموز/ يوليو. ومع ذلك، فإن التصريحات الأمريكية جاءت متضاربة. فهي وإن أشارت بالمجمل إلى أن الكرة الآن في يد (نتنياهو) لجهة موعد الضم أو حتى تنفيذ الضم من عدمه، فإن تقارير إعلامية إسرائيلية ركزت على إن الخطوط العريضة للحكومة الإسرائيلية الجديدة، لم تتطرق، إلى مخطط ضم مناطق في الضفة الغربية إلى “إسرائيل”.

ومن جهتها، اعتبرت المراسلة السياسية لصحيفة “هآرتس” (نوعا لانداو) إن “صيغة قانون الضم يخضع لمصادقة نتنياهو، ما يمنحه القوة لحسم ما إذا سيكون هناك ضما، وكيف سيتم، ويسمح له أيضا بإهمال الفكرة لاحقا. لكن من الناحية المبدئية، الحكومة المقبلة لن ترفض هذه الإمكانية بكل تأكيد”، أما (أمنون ريشف) اللواء في الاحتياط ومؤسس حركة “قادة من أجل أمن إسرائيل”، التي تأسست منذ نحو خمسة أعوام وهدفها كما تعلن “تحصين أمن إسرائيل كدولة ديمقراطية، مع أغلبية يهودية بروحية قيم وثيقة الاستقلال”، فقد كتب محذرا: “عملية الضم ستجبر الجيش الإسرائيلي على إعادة جنوده إلى شوارع نابلس وقلقيلية، وأزقة القصبة، وستعيد الإدارة المدنية إلى أيامها “الجيدة” والغالية التكلفة، عندما كانت إسرائيل تدير وتمول حاجات السكان الفلسطينيين. الضم، حتى لو كان جزئياً، سيوضح للفلسطينيين أن إسرائيل اتخذت قراراً بإدامة سيطرتها على يهودا والسامرة، وتقرير حدود السيطرة الفلسطينية، وإنهاء حلم الفلسطينيين بالاستقلال”. ومن جانبه، قال عضو الكنيست من حزب “العمل” (إيتسيك شمولي) “البند الأخير وهو الحفاظ على اتفاقيتي السلام والمصالح الأمنية والسياسية لدولة إسرائيل سيمنع ضما فعليا، لأن خطوة كهذه في غور الأردن ستخرق الاتفاق مع الأردن”. أما المحلل السياسي (ناحوم برنياع) فقال إن “تحفظات الجيش الإسرائيلي من عواقب القرار على الاتفاق مع الأردن، والأضرار في أوروبا وآسيا ستجعل نتنياهو يكتفي في نهاية الأمر بفرض القانون على غوش عتصيون (الكتلة الاستيطانية في منطقة بيت لحم). فلو كان الضم أمنيته، لقرر بشأن ذلك في حكوماته السابقة. فهو لم يُخلِ حتى الخان الأحمر”. ومن جهته، عارض رئيس المعارضة زعيم حزب “هناك مستقبل” (يائير لبيد) تطبيق السيادة في الضفة وغور الأردن لأن “هذا اتفاق أحادي الجانب وليس جزءًا من اتفاق سياسي”.

ولأن الضم جريمة حرب منتهاها نظام “أبارتايد” رسمي تسعى له مواقف اليمين الإسرائيلي المتطرف الداعمة للضم، نجد أن عديد كبار السياسيين والعسكريين ترغب في تلافي هذه النتائج التي ستؤثر سلبا على واقع “إسرائيل” الداخلي (“دولة ديموقراطية” متمسكة بوثيقة “الاستقلال”!!!) مثلما ستؤثر سلبا على صورة وعلاقات الدولة الصهيونية عالميا وبالذات في ظل مقاومة قوى دولية بارزة لمخطط الضم التوسعي.

Dr.asad

كاتب وباحث عربي، ومحلل سياسي مختص في القضايا الفلسطينية وشؤون الصراع العربي الإسرائيلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى