المقاومات الدولية المختلفة لموضوع الضم

ردود الفعل العالمية على السياسة الإسرائيلية تشي بأن الأول من تموز/ يوليو كموعد لبدء تنفيذ إجراءات ضم مناطق في الضفة الغربية إلى “سيادة” إسرائيل ربما يؤجل. فلقد جاء على لسان مسؤول أميركي في تقرير للقناة 13 الإسرائيلية بأن ذلك التاريخ ليس “موعدا مقدسا”! كما تبين، من خلال زيارة وزير الخارجية الأميركي (مايك بومبيو) لتل أبيب، أنه ليس ثمة ضوء أخضر أميركي للضم وفق الجدول الزمني للحكومة الإسرائيلية: “فالأولويات تتمثل بالتعامل مع أزمة كورونا وقضايا أخرى. ولا تشعر (إدارة ترمب) بأنها مستعدة للانخراط في قضية الضم بعد. الجدول الزمني الإسرائيلي ليس صعبا علينا ولكنه ليس ملزما لنا”. وهذا ما عاد الإعلام الإسرائيلي وأكد عليه.

كثيرة هي المواقف الدولية الرافضة للضم: فالأمين العام للأمم المتحدة أصدر بيانا باسم الأمم المتحدة يرفض الضم. و”الاتحاد الاوروبي” رفض ذلك أيضا ودعا الى حل الدولتين، وارتفعت أصوات في مقره ببروكسل تطالب بالاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، وأخرى بمحاسبة إسرائيل. كذلك رفضت روسيا والصين وفرنسا وبريطانيا في مجلس الأمن عمليات الضم، وكعادتها وافقت عليه واشنطن فقط. وانتقد المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في فلسطين، (مايكل لينك) خطة إسرائيل لضم أراض محتلة، مؤكدا: “الضم ضربة قاسمة للمنظومة الدولية، وستبلور نظام فصل عنصري، سيقوض حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير”. بل إنه بحسب الصحافة الأميركية، نقلا عن قيادة المنظمات اليهودية الأميركية، فإن إدارة (ترمب) تعيد النظر في موقفها الداعم للحكومة الإسرائيلية في حال اتخاذ قرار سريع للضم، وترى أنه يجب إعطاء مجال أكبر للدبلوماسية وعدم إغلاق الطريق أمام الفلسطينيين. وكانت صحيفة “معريب” نشرت تقريراً لمراسلها السياسي في الولايات المتحدة (شلومو شمير) ذكرت فيه على لسان مسؤولين في المنظمات اليهودية كانوا قد اجتمعوا مع مسؤولين في البيت الأبيض، إن “الإدارة الأميركية ترى في هذه المرحلة، أن قراراً أحادي الجانب من الحكومة الإسرائيلية لضم أراضٍ في الضفة الغربية، سيلحق ضرراً ويشكل ضربة لخطة الرئيس ترمب لتسوية الصراع في الشرق الأوسط، وقد يغلق الباب نهائياً أمام الاحتمال الضعيف أصلاً لتجاوب القيادة الفلسطينية مع هذه الخطة”. لكن يبقى أن جلالة الملك عبدالله الثاني هو من وجه رسائل واضحة وقوية، للمجتمع الدولي بشكل عام، ولسلطات الاحتلال الإسرائيلية بشكل خاص، وأخرى للداخل الأردني، محذرا بقوة من تبعات ضم إسرائيل لأجزاء من الضفة الغربية.

إن رغبة الدولة الصهيونية بضم أراضي الضفة الغربية (التي هي أصلا محتلة) هي جزء من سعيها لما هو أكبر من مجرد احتلال الأرض. فهي أيضا تريد الاعتراف الرسمي من جانب العرب باحتلالهم للضفة من جهة، وحل المشكلة الديموغرافية مع الفلسطينيين من جهة ثانية، وجعل “الضفة” بنتوستان فلسطيني مكون من أرخبيل من جزر منفصلة مقسمة، تحيطها إسرائيل بشكل كامل، وغير متصلة مع العالم الخارجي من جهة ثالثة.

Dr.asad

كاتب وباحث عربي، ومحلل سياسي مختص في القضايا الفلسطينية وشؤون الصراع العربي الإسرائيلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى