برهان جديد على التمييز العنصري الإسرائيلي

يستمر الإضراب الذي أعلنت عنه اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية في فلسطين 48 دون أي توجه للحكومة الإسرائيلية للموافقة على مطالبهم برصد ميزانيات خاصة لتعويض المجالس والبلديات عن الخسائر جراء الإغلاق بسبب فيروس كورونا، وعدم معاملتهم على قدم المساواة مع نظرائهم اليهود. وكانت الحكومة الإسرائيلية قدمت مساعدات كتعويض عن الخسائر جراء كورونا ميزت، كعادتها، ضد المجالس المحلية العربية، خصوصا في ضريبة “الأرنونا” (بمعظمها ضرائب سكن) في الأشهر الثلاثة الأخيرة، في حين عوضت الحكومة خسائر السلطات المحلية اليهودية (بمعظمها ضرائب محال تجارية وصناعية).

التداعيات الأولية لأزمة كورونا تشير إلى تسجيل معدلات بطالة عالية جدا، بلغت نحو 27% من القوى العاملة في “إسرائيل” عامة، وحوالي 35% من القوى العاملة في المجتمع العربي. ففي ظل الأزمة، عودة نحو مليون و300 ألف عاطل عن العمل أو ممن أخرجوا إلى إجازة بدون راتب إلى وظائفهم ومهنهم، مع استمرار الانتهاكات الحقوقية للعمال، تتسبب بتعميق الأزمة الاقتصادية لعشرات آلاف العائلات في “إسرائيل”، خصوصا الشرائح الفقيرة وغالبيتها عربية. وتجلت الانتهاكات بعدم احتساب وعدم دفع أيام العطلة كإجازة مرضية لمن دخل بالحجر الصحي المنزلي لمدة 14 يوما، ودفع مخصصات مؤسسة التأمين الوطني عن البطالة بنسب أقل من القيمة المالية المتعارف عليها قبل حالة طوارئ كورونا. وعليه، أعلنت سكرتارية “اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية” عن تصعيد الخطوات الاحتجاجية عبر رفع التماس للمحكمة الإسرائيلية العليا بواسطة مركز “عدالة” الحقوقي، “بشكل مَوْضِعي وعَيْني ضد السياسة الحكومية الرسمية وضد التمييز اللّاحق بالسلطات المحلية العربية في مَعايير وتوزيع الهبات الحكومية والميزانيات الخاصة خلال مواجهة أزمة كورونا”.

الحكومة الإسرائيلية، في ظل أزمة كورونا، رفضت تحمل أي مسؤولية عن انتهاكها حقوق العمال، وعدم توفير أي خطة لضمان نيل حقوقهم، واكتفت بالاعتماد على مخصصات التأمين التي يدفعها أصلا العمال في حال فصلوا من أماكن العمل. من جانبها، أصدرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” تقريرا يؤشر إلى سياسة تضييق الخناق على التجمعات السكانية الفلسطينية في البلدات والقرى العربية داخل “إسرائيل”، والتي تنحاز إلى مصلحة “المواطنين اليهود” ضد فلسطينيي 48، ما أدى إلى أنه، “وبعد عقود من مصادرة الأراضي والسياسات التخطيطية التمييزية، يعيش اليوم العديد من المواطنين العرب محبوسين في بلدات وقرى مكتظة لديها مجال ضئيل للتوسع”.

نحن، إذن، أمام برهان جديد على التمييز العنصري ضد أهلنا في فلسطين 48، مع ضرورة التأكيد على أنه إذا كانت “الدولة الإسرائيلية” وبعد 71 عاما غير راغبة بمعاملة فلسطينيي 48 كمواطنين بروح المساواة، وهذه أصلا طبيعة العنصرية الصهيونية، فأي مستقبل ينتظر الأهل في الضفة الغربية؟!!! أما الأهل في قطاع غزة فالمعاناة بسبب المقارفات الإسرائيلية أبلغ من أن نتحدث عنها!!!