الحركة الأسيرة: مروان البرغوثي مثالا

الحركة الأسيرة في فلسطين سابقة لقيام “إسرائيل” حيث بدأت منذ دخول أول أسير فلسطيني إلى سجون دولة “الانتداب البريطاني” التي فتحت السجون والمعتقلات، وأصدرت الأحكام العسكرية ضد المناضلين الفلسطينيين، والتي أورثت الدولة الصهيونية هذه السجون والمعتقلات والقوانين التعسفية. وفي عام (1974)، أقر المجلس الوطني الفلسطيني في (4/17) من كل عام يوما للأسير الفلسطيني وفاء لشهداء “الحركة الأسيرة” ولتضحيات الأسرى القابعين في سجون الاحتلال. ويرتبط السياق التاريخي لهذا التاريخ باليوم الذي انطلقت فيه ثورة 1936 الفلسطينية الأولى وإعلان الإضراب العام الذي استمر 6 شهور احتجاجا على سماح الانتداب البريطاني بالهجرة اليهودية الصهيونية إلى فلسطين ومصادرة الأراضي الفلسطينية.

وفي الوقت الذي يستاء الكثيرون منا وهم في منازلهم من ضائقة الحجر الصحي جراء فيروس كورونا، مع توفر كل وسائل الراحة من غذاء ودواء ووسائل تسلية، نستذكر اليوم أكثر من (5000) أسير فلسطيني يقبعون في سجون الاحتلال، معرضين للإصابة بالوباء جراء الإهمال الطبي المتعمد من قبل إدارة السجون الصهيونية.

وهؤلاء الفلسطينيين هم، وفق القانون الدولي، أسرى حرب يحظر محاكمتهم واعتقالهم في معتقلات. هم مناضلون من أجل الحرية والاستقلال الأمر الذي يستدعي بناء شبكة حقوقية دولية فاعلة أكثر لإرغام سلطات الإحتلال الإسرائيلي لتنفيذ اتفاقية جنيف وإطلاق سراح أسرى الحرب الفلسطينيين الأبطال تحت طائل العقوبات.

لقد حلت ذكرى “يوم الأسير الفلسطيني” إلى جانب ذكرى اعتقال عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح” الأسير مروان البرغوثي الذي دخل عامه التاسع عشر في الأسر والمحكوم بالسجن المؤبد (5) مرات بتهم القتل والشروع بالقتل، وهو الناشط في انتفاضة الأقصى، تماما كما كان ناشطا في الانتفاضة الأولى التي صنعت شعبيته الطاغية في الأوساط الفلسطينية. ومنذ اللحظة الأولى لاعتقاله، ظهر (مروان) في قاعة المحكمة، محاطا بالحشد الإعلامي الهائل، رافعاً يديه المقيدتين ملوحا ومعلنا: “الاحتلال إلى زوال.. الانتفاضة ستنتصر”. ومنذئذ، رفض التعامل مع المحققين، ناهيك عن التجاوب معهم والتعاطي مع اتهاماتهم التي اعتبرها باطلة وان اعتقاله غير شرعي وغير قانوني. ومنذئذ، أيضا، تحول البرغوثي إلى رمز وطني وإنساني ورقماً سياسياً هاماً في حركة استرداد حقوق شعبه المشروعة.

اليوم، في ذكرى سنة صمودك التاسعة عشرة، أستعيد ما كتبته في أواخر نيسان/ إبريل (2004): “نفتقدك يا (مروان)! نفتقد وجهك اذ لم تعد تسكب نور التفاؤل من على شاشات التلفزيون مثلما فعلت طوال أشهر الانتفاضة! تفاؤلك كان –وسيبقى– النور الذي لن يبدد فقط حلكة الليلة الظلماء، بل سيطلق سراحنا من أحشاء ظلم صهيوني مقيم، ومن أسار زمن “عربي” و”إسلامي” ودولي ظالم!! نحن اذن –قطعا– لن نذهب في غياهب “الحفرة السوداء”، بل –هم– الذين ستذهب ريحهم، ريح الاحتلال الاسرائيلي/ الإحلالي/ القائم على أسس الفصل العنصري والتطهير العرقي! ثم أكرر: ثابت، الآن – يا رفيق الدرب – أن “لكل امرىء من اسمه نصيب”! فان نحن عدنا الى جذر اسمك يا “(مروان)” فإن المعنى المحدد واضح: إنه “اللين في الصلابة”! ولطالما كنت –يا أخي الحبيب– صلبا دون أن تكسر، ولينا دون أن تعصر! ولك المجد اذ سالمت حين جنحوا للسلم!!! ولك المجد اذ حاربت حين جنحوا للحرب! واليوم: في سجنك، في أسرك، لك المجد”!.