الإسرائيلي (تامير بيردو): صرخة في واد؟
في «إسرائيل»، نشهد تحول مواقف شخصيات صهيونية إلى النقيض لأسباب متنوعة، على رأسها خشية هذه الشخصيات سواء من تحول «إسرائيل» إلى دولة «أبارتايد» مع تحكم اليمين المتطرف في مناحي الحياة المختلفة، أو من انكشاف كذب فكرة «الدولة الديموقراطية اليهودية» في ظل وجود (بنيامين نتانياهو) الذي يجهد في استغلال تداعيات أي أزمة – ربما لن تكون آخرها أزمة فيروس كورونا – ليبقى طليقا من السجن ورئيسا للحكومة المجسدة لأفكار اليمين المتطرف، أو أقلها شريكا كاملا في هذا المنصب.
من هذه الشخصيات، (تامير بيردو) رئيس جهاز «الموساد» الأسبق «المؤسسة المركزية للاستخبارات والأمن» الذي برز بقوة انتقاده لسياسات (نتانياهو)، وهو الذي لم يخف تخوفه من نتائج زيادة تحكم اليمين المتطرف في «إسرائيل».
كمدير لجهاز «الموساد» من عام (2011-2016)، شارك (بيردو) في عديد العمليات السرية خارج «إسرائيل»، وهو الذي شغل مناصب مهمة متدرجة في «الموساد» لسنين طويلة. وفي 1980، انخرط (بيردو) في ذلك الجهاز الاستخباري والأمني بعد خدمته في وحدة للنخبة القتالية في جيش «الدفاع» الإسرائيلي، حيث شارك مع (يوني نتانياهو) شقيق (بنيامين نتانياهو) في عام 1976 في عملية عنتيبي (أوغندا) للإفراج عن طائرة (إير فرانس) التي اختطفها فلسطينيون.
في تعليقه على الإفراط في استخدام (نتانياهو) سمفونية «إيران العدو الأول»، أوضح (بيردو): «التهديد الداخلي يجب أن يقلق إسرائيل أكثر من التهديدات الخارجية لأنه إذا اجتاز المجتمع حافة انقسام معين يمكن الوصول إلى ظاهرة الحرب الأهلية». وأضاف: «المسافة الفاصلة بين المجتمع الإسرائيلي والحرب الداخلية تتقلص وإنني أتخوف من أننا نسير في هذا الاتجاه. فخلال معركة الانتخابات، تم اجتياز الكثير من الخطوط الحمراء، ويتفاقم الحال كون هذه المعركة الانتخابية تتواصل طوال السنة. وهم ينقلون الإنقسام من بيت المشرعين (البرلمان) إلى الأسفل»!.
مؤخرا، سطع اسم (بيردو) حين تصدر العناوين متحدثا عن عنصرية «إسرائيل». ففي مقابلة لافتة مع صحيفة «معاريف» الإسرائيلية بخصوص الحوار بين الأحزاب، في أعقاب الانتخابات الأخيرة، وعلى رأسها «أزرق أبيض» مع «القائمة العربية المشتركة»، قال (بيردو): «لقد وصلنا إلى حالة يعتبر فيها كل من لا يوافق على أمر ما سياسيا خائنا. هذا أمر رهيب وخطير. فمن غير اللائق اعتماد دعاية اليمين ضد رئيس أركان سابق (بيني غانتس) ومنعه من الجلوس مع العرب لمجرد تصويرهم كأعداء للدولة. من جهتي، أترقب مجيء اليوم الذي ستكون فيه الأقلية العربية جزءًا من الحكم، ولا أريد أن يقول أحد لليهود في الولايات المتحدة الأميركية: أنتم لا تستطيعون أن تكونوا جزءًا من الإدارة والحكم في تلك البلاد».
مواقف (بيردو) واحدة من صرخات نادرة، ولو متنامية، في المشهد السياسي الإسرائيلي ومن قبل مسؤولين كبار… فهل تنمو أكثر؟ أم تذروها الرياح؟