«داعش اليهودية» والمجتمع الإسرائيلي

الفشل الإسرائيلي في تطويع «الحريديم» اليهود المتدينين، ودمجهم في حياة دولة الاحتلال، في الاقتصاد والجيش والمجتمع، لا ينكرها أحد، وبخاصة بعد توجه أحزاب «الحريديم»، الشرقية منها والغربية، لبسط تأثيرها السياسي في المشهد الإسرائيلي لجهة تكريس حكم اليمين الإسرائيلي، الأمر الذي جعل القوى العلمانية المتطرفة (وهي أغلبية تغض النظر عن شذوذ ممارساتهم).

هذه الأيام، ظهرت أزمة جديدة سببها «الحريديم». فبحسب معطيات وزارة الصحة الإسرائيلية، فإن مناطق تواجد المتدينين اليهود، هي الأكثر إصابة بفيروس كورونا نتيجة رفضهم الالتزام بتعليمات وزارة الصحة الإسرائيلية للحد من انتشار فيروس كورونا في أحيائهم وعلى رأسها حي «مايه شعاريم» في القدس الغربية، ومدينة بني براك التي تقع على ساحل البحر المتوسط شرق مدينة تل أبيب، ومستعمرة/ «مستوطنة» «بيتار عيليت»، غرب مدينة رام الله. لكن المخاوف الكبيرة تخص مدينة بني براك وتعدادها أكثر من 200 ألف نسمة من المتدينين اليهود المتزمتين والتي فرض عليها الحظر الكلي. وفي السياق، كتب (عميحاي أتالي) في صحيفة «يديعوت أحرونوت» قائلا: «اعتاد أفراد هذا المجتمع على العيش في شقق صغيرة مزدحمة أكثر من أي قطاع آخر من السكان، كما أنهم أقل وعيا وإلمامًا وأقل إدراكًا بكثير، وأقل تعرضًا لوفرة المعلومات عبر الإنترنت خوفًا مما يرونه محتوى سلبيًا». وأضاف: «كما أنهم يتبعون عن كثب وبفخر تعليمات حاخاماتهم، وسيفعلون أي شيء يأمرهم به الموجهون الروحيون». وبحسب المحللة الاقتصادية (ميراف أرلوزوروف) في صحيفة «ذي ماركير»: «سياسة إسرائيل لدمج الحريديم في المجتمع الإسرائيلي فشلت. السياسة الرسمية منيت في العقد الأخير بفشل ذريع في ثلاث جبهات رئيسية، هي معدلات تجنيد الحريديم للجيش، ودمجهم في التعليم الأكاديمي، ودمج الرجال منهم في سوق العمل». ولفتت النظر الى معطيات جيش «الدفاع» الإسرائيلي، التي كشفت مؤخرا أن «عدد المجندين، الذين يعتبرهم الجيش حريديون، اليوم، يبلغ 2480 جنديا مقابل 3070 جنديا عام 2017، أي بانخفاض مقداره 20%. وهذا في حين تسجل نسبة الزيادة الطبيعية السنوية بين الحريديم 4%، وفي وقت تشمل المعطيات المتعلقة بتجنيد الشبان الذين انسحبوا من المجتمع الحريدي وتحولوا إلى علمانيين، وهؤلاء ارتفعت نسبتهم من 15% من المجندين عام 2017 إلى 40% عام 2018».

«الحريديم» على مختلف تياراتهم، يلتزمون تعاليم التوراة أكثر من التزامهم بالتشريعات المدنية الصادرة عن «الدولة». وفي هذا يقول «مدير مركز المعلومات عن الحريديم» (يهودا أيزكوفيتش): «أزمة كورونا تعكس طبيعة حياة الجمهور الحريدي بالدولة والتي هي أشبه باستقلال ذاتي وانعزال عن الحياة العامة للإسرائيليين، بحيث أن انضباطهم يكون لتعاليم التوراة، ويلتزمون بالتعليمات والإرشادات الصادرة عن الحاخامات، فيما تبدو التشريعات المدنية هامشية في حياتهم اليومية». وفي كل هذا، وعدوانيتهم تجاه «الآخر» غير اليهودي، هم أشبه ما يكونون بمجموعات «داعشية يهودية»!