هل ثمة “عاصمة لفلسطين” في خطة ترامب؟

القدس الشرقية التي يعرفها الفلسطينيون تتكون من البلدة القديمة و16 حيا في محيطها. ولكنها باتت في عرف “سرقة العصر” التي قدمها الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) عبارة عن حيّين اثنين وقرية قريبة (كفر عقب ومخيم شعفاط وأبو ديس). مع العلم أن ما يجمع هذه الأحياء هو عزل جدار الفصل الإسرائيلي لها عن القدس الشرقية ناهيك عن صغر مساحتها، بل تقع الأحياء في مناطق ثلاث منفصلة بدون تواصل جغرافي، وتفصلها مناطق ستقع تحت السيطرة الإسرائيلية بحسب “خطة ترامب”.

أما القدس القديمة و14 حيا فلسطينيا في محيطها فقد دخلت ضمن ما أسمته خطة (السرقة) “العاصمة الموحدة لإسرائيل”، وهي إضافة إلى البلدة القديمة، بيت حنينا، شعفاط، العيساوية، الطور، الصوانة، واد الجوز، الشيخ جراح، سلوان، الثوري، رأس العامود، جبل المُكبر، صور باهر، أم طوبا وبيت صفافا. بل أعطت “الخطة” إياها “إسرائيل” الأماكن الدينية الإسلامية والمسيحية في القدس الشرقية.

كما أن “سرقة العصر” الأمريكية، ترسخ جدار الفصل العنصري الذي بدأت “إسرائيل” بإقامته عام 2002 على أراضي القدس الشرقية، حدودا لعاصمة “إسرائيل” سويا مع القدس الغربية:

أولا، فيما يخص قرية كفر عقب الواقعة شمالي القدس الشرقية، وحي “الرام” الكبير فيفصلهما جدار الفصل وحاجز قلنديا العسكري عن المدينة المقدسة ويجعلهما أكثر ارتباطا بمدينة رام الله. ومع القيود والضرائب الإسرائيلية التي أدت إلى ارتفاع ثمن المساكن في الأحياء الفلسطينية من القدس الشرقية، انتقل عشرات آلاف الفلسطينيين من حملة الهوية المقدسية للسكن في هذين التجمعين بحيث تحولا في السنوات الأخيرة إلى ما يشبه “العشوائيات”، حيث ترتفع البنايات غير المنظمة، دون بنية تحتية ملائمة.

ثانيا، مخيم شعفاط، الذي أقيم في العام 1965، فهو المخيم الوحيد للاجئين في القدس الشرقية. وحتى ما قبل سنوات، كانت الغالبية الساحقة من سكانه من اللاجئين حملة الهوية المقدسية، لكن جدار الفصل وحاجز عسكري إسرائيلي عزلا المخيم عن باقي أنحاء القدس الشرقية. وفي هذا المخيم، ذي الكثافة السكانية المرتفعة، تكتظ الأبنية دون بنى تحتية حقيقية.

ثالثا، قرية أبو ديس، الواقعة إلى الشرق من القدس الشرقية، هي في الأصل مصنفة – إسرائيليا – كجزء من الضفة الغربية، رغم أنها جزء من محافظة القدس فلسطينيا. وفي العام 2002، عزل جدار الفصل البلدة عن المدينة، وجعل الوصول منها إلى القدس يتطلب سفر عدة كيلومترات.

هذه الأحياء الثلاثة لا تصلح كعاصمة حيث لا تتوفر فيها مقومات العاصمة، فالمساحات لإقامة مؤسسات الحكومة والرئاسة والبرلمان معدومة، فيما يبقى مصير ما يقارب الـ 140 ألف فلسطيني يقيمون في هذه الأحياء الثلاثة المعزولة بالجدار (من أصل 330 ألف هم سكان القدس الشرقية)، مجهولا. طبعا، كما أن مخطط (E1) الذي يربط القدس بعدد من المستعمرات/ “المستوطنات” الواقعة شرقها في الضفة الغربية مثل “معالي أدوميم”، سيمنع أي توسع فلسطيني محتمل في هذه المنطقة من خلال تطويقها “بالمستوطنات” وإحداث تغيير ديموغرافي ضمن سياسية تهويد القدس بما تطلق عليه إسرائيل “القدس الكبرى”.

Dr.asad

كاتب وباحث عربي، ومحلل سياسي مختص في القضايا الفلسطينية وشؤون الصراع العربي الإسرائيلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى