الأعداء يتزايدون: فأين الأهل والأصدقاء؟

مؤخرا، وصل مسامعي ملخص بليغ منسوب للرئيس محمود عباس مفاده أن “أعداءنا يحاربوننا وأصدقاءنا لا يساعدوننا”. والحقيقة أن واقع الحال يشي بذلك حيث أن الشواهد عديدة لعل أبرزها حالات من التطبيع العربي المجاني مع “إسرائيل” دون تقديم أي التزام لا للفلسطينيين ولا للعرب المحتلة أراضيهم. بل إن فلسطين في 2019، شهدت أعلى نسبة استعمار/ “استيطان” في تاريخها حيث أظهرت الإحصائيات الفلسطينية أن “مجموع المستعمرات/ “المستوطنات” في الضفة الغربية والقدس المحتلتين بلغت (503) مستعمرات، يقطنها أكثر من مليون “مستوطن”، منها (474) مستوطنة في الضفة الغربية و(29) مستوطنة بالقدس”.

مسألة أن الأعداء يحاربون الفلسطينيين موضوع “ساطع”!!! فالحكومات المتتالية لرئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) هي الأكثر تطرفا في تاريخ الدولة الصهيونية، في ظل إدارة أمريكية برئاسة (دونالد ترامب) تتبنى، بقوة، آراء ومواقف وقرارات (نتنياهو) المتشددة بشأن الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، من ضمنها نقل السفارة الأمريكية إلى “القدس عاصمة إسرائيل”، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان السوري، وشرعنة الولايات المتحدة للمستعمرات/ “المستوطنات” باعتبارها غير مخالفة للقانون الدولي، وهدم مئات المنازل، خاصة في القدس المحتلة، وغير ذلك كثير ومن ضمنه “عقوبات” مالية وسياسية تم فرضها على الطرف الفلسطيني.

بالمقابل، هناك شواهد على إنجازات لا يمكن التغاضي عنها على رأسها، داخليا، قضية صمود الفلسطيني على أرضه في وجه القهر والتهميش والطمس إضافة إلى الأمل الذي تراه في عيون هذا الشعب حيث يفكر ببناء مستقبل أفضل لجيل فلسطيني قادم وقادر على تنمية مؤسساته الأساسية وقدراته. بل إنه، في ظل ما يعيشه الشعب الفلسطيني في الوطن المحتل، نرى حراكا ديموقراطيا متواصلاً باتجاه إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية بعد غياب طويل منذ العام 2006.

أما خارجيا، فقد حقق الفلسطينيون إنجازا دوليا يقرب من محاسبة “إسرائيل” ألا وهو قرار “المحكمة الجنائية الدولية” بفتح تحقيق في ارتكاب “جرائم حرب” محتملة بالأراضي الفلسطينية. هذا، دون أن ننسى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، تمديد تفويض وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) حتى العام 2023 وبأغلبية ساحقة ما يؤكد على الموقف الدولي الواضح الداعم لاستمرار “الوكالة” بواجبها تجاه ملايين اللاجئين الفلسطينيين في المجالات التعليمية والصحية والإغاثية ودعم حق اللاجئين الفلسطينيين في العيش بكرامة.

نعم الأعداء يحاربون الشعب الفلسطيني، وعديد الأشقاء والأصدقاء لا يساعدون، ولكن هذا الشعب يعلم حقوقه فيعمل على تعبيد طريقه لتعزيز الصمود والمقاومة الشعبية والمقاطعة من جهة، زائدا العمل السياسي والقانوني والدبلوماسي والإعلامي من جهة ثانية. وختاما، ذاتيا، تبقى “نكبتنا الجديدة” في حالة الإنقسام (التي هي، راهنا، ألد أعدائنا)… فهل نتجاوزها؟

Dr.asad

كاتب وباحث عربي، ومحلل سياسي مختص في القضايا الفلسطينية وشؤون الصراع العربي الإسرائيلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى