الإسرائيلي (يائير جولان): صرخة في صحراء؟

في «إسرائيل»، شهدنا تحول شخصيات صهيونية إلى النقيض في سياقات عديدة ولأسباب متنوعة، مثل إدراكها خطأ وربما خطيئة، وجود «إسرائيل» ككيان بناء على «أساطير دينية»، أو إدراكها كذب فكرة «الدولة الديموقراطية اليهودية»، أو حتى الخشية من تحول «إسرائيل» إلى دولة «أبارتايد» مع تحكم اليمين المتطرف في مناحي الحياة المختلفة.

(يائير جولان) النائب الإسرائيلي في البرلمان (الكنيست) الحالي عن حزب المعسكر الديمقراطي بزعامة (إيهود باراك)، والنائب السابق لرئيس أركان جيش «الدفاع» الإسرائيلي، واحد من هؤلاء. فلقد حرمته تصريحاته، المنطوية على انتقادات للفكر الإسرائيلي المتطرف، من التعيين رئيساً لأركان الجيش، رغم أنه عين رئيساً مؤقتاً للأركان في كانون الثاني/ يناير 2018، لمدة 18 يوماً، عندما تم إدخال رئيس الأركان (غادي آيزنكوت) المستشفى للعلاج.

في تعليقه على الاغتيال المتعمد للفلسطيني (عبد الفتاح الشريف) على يد الجندي (أليئور عزاريا) في الخليل في شباط/ فبراير 2017، شبه (جولان) عملية الاغتيال بأفعال النازية الألمانية، مضيفا ان «ما يقلقه في كل عام من ذكرى المحرقة النازية ضد اليهود، هو رؤية أمور في إسرائيل تبعث على الغثيان حصلت في ألمانيا قبل 70 عاماً، وهناك أدلة على حصول مثل هذه الأمور في إسرائيل، مما يتطلب استئصال براعم عدم التسامح وجذور العنف التي تنشأ على الطريق المؤدي للإنحلال الأخلاقي» الإسرائيلي! ومع انضمامه لحزب (باراك) وفوزه بمقعد في الكنيس?، صرح (جولان) قائلا:«من خلال منصبي في الكنيست، سأحارب لتغيير طابع إسرائيل وتوجهها السياسي، ومنع تحويلها إلى دولة فاشية». وكان (جولان) هو الذي كشف عن وثيقة لضباط كبار من هيئة أركان الجيش الإسرائيلي خلال حرب عام 2014 على قطاع غزة، حول عدم جهوزية الجيش الإسرائيلي لخوض أي حرب، وخوف الجنود من توسيع المعركة البرية، ووقوع خسائر كبيرة في صفوفهم، مع سريان الإحباط بين الجنود مع عدم انتهاء الحرب بسرعة.

مؤخرا، عاد اسم (جولان) فتصدر العناوين متحدثا عن عنصرية «إسرائيل». ومما أوضحه: «الإسرائيليون مطالبون بإبداء مزيد من الحذر في صفوفهم، بل الحذر جيدا، خشية أن يتمكن عناصر من اليمين الإسرائيلي من أصحاب القناعات المسيحانية الخلاصية باستغلال الديمقراطية الإسرائيلية، للعمل على إيجاد نظام سلطوي آخر مختلف». وأضاف (جولان): «أود تذكيرنا جميعا أنه رغم وجود فروقات هائلة بين التجربتين الإسرائيلية والنازية، لكن هناك معطيات ومؤشرات واقعية ميدانية تؤكد أننا نذهب في الطريق ذاتها التي سلكها النازيون». وختم قائلا: «من خلال انخ?اطي وخدمتي العسكرية في الجيش لعشرات السنين، تعاملت مع العشرات من حوادث العنف التي مارسها عناصر اليمين ضد الجنود الإسرائيليين، ولذلك فإن هذا اليمين خطر أيضا على دولة إسرائيل، وقيامها من الأساس، وعلى سلطة القانون».

تحولات ومواقف (جولان) واحدة من صرخات نادرة، ولو متنامية، في المشهد السياسي الإسرائيلي ومن قبل مسؤولين كبار… فهل تنمو أكثر؟ أم تذروها الرياح؟