‏‎الصمود.. الإنجاز ‎الفلسطيني الأكبر

تأنس بقراءة خبر عن المهندسة الفلسطينية (نجود ميرنسي) رئيسة قسم التخطيط لمهمات استكشاف الفضاء في وكالة الفضاء الاميركية (NASA)، مرفقا بصورة رسمية لها في مقر «ناسا» الرسمي وهي تلبس التطريز الفلسطيني التقليدي. كما تأنس بالمقابل، حين تقرأ خبرا عن جريح إحدى مسيرات العودة (علي بنات) حول أحزانه وجراحه المتراكمة إلى حالة إبداع وإصرار، فصنع سيارة محلية.

الفلسطيني هنا أو هناك، تراه صامدا كل بطريقته، رغم أنه شعب تسفك دماء أبنائه وبناته، وشيوخه وأطفاله صباح مساء، شعب تدنس مقدساته، وتسلب أرضه، ويسجن بأكمله خلف جدار أو أسلاك شائكة، حواجز تضيق حرية حركته، منازله تهدم، وأرضه تسلب، فإما حصار خانق (في قطاع غزة) تحول إلى أكبر سجن في العالم، وإما مدن تقطعت أوصالها وسلبت أراضيها (في الضفة الفلسطينية)، فيما الاحتلال يواصل مقارفاته وعدوانه لطرد الشعب الفلسطيني وتهجيره من أراضيه في ظل معاناة تتفاقم أحيانا وصولا إلى الموت.

إن إنجاز الفلسطيني الأكبر هو صموده على أرضه في وجه القهر والتهميش والطمس. فاليأس وإن كان له حيز في الحياة الفلسطينية اليومية، إلا أنه يأس ممزوج مع الأمل في عيون هذا الشعب. ومع أن لكل فلسطيني قصته من ماض وحاضر معاش، إلا أن لكل منهم أيضا حقه في مستقبل يحلم بأن يكون مشرقا. لذا، يدهشك صمود الفلسطيني وحبه للحياة. تتعلم منه الإبقاء على الأمل حيا حتى في أحلك الأوقات. روح وطنية عالية، وعزيمة وإصرار، يؤمن أن الأهم هو تعزيز روح وقيم الصمود في أوساط الشعب مقرونا بكسر عنجهية وغرور الكيان الصهيوني وضرب نفسيته المأزومة القائمة على العدوان.

لا يخفى ثبات وحزم الشعب الفلسطيني إزاء حقوقه الوطنية المقدسة، وفي مقدمتها حق العودة وتقرير المصير وإقامة دولة المؤسسات بعاصمتها القدس الشريف، وهو يدرك محاولات الالتفاف على القضية الفلسطينية عبر تفكيكها إلى أجزاء ومعالجة كل جزء على إنفراد فتذوب من تلقاء نفسها، وبالتالي تفقد صفة الترابط المقدس الذي يجمعها كقضية شعب واحد. لذا، من الغباء الاعتقاد أن الفلسطيني الذي أصبح أكثر وعيا ويقظة، وبعد كل هذه التضحيات يمكن أن يقبل بأنصاف الحلول، فقد أدرك كذب المجتمع الدولي حيال قضيته العادلة وصمته على جرائم الاحتلال التي لا تحصى. يكافح لعدم التخلي عن أرضه رافضا الرضوخ والاستسلام لاحتلال غاشم هدفه طرده من أرضه والاستيلاء عليها وتحقيق وعد توراتي مزعوم.

الشعب الفلسطيني بكل هذا الصمود والثبات تراه وفي كل مكان يفكر ببناء مستقبل أفضل لجيل فلسطيني قادم وقادر على تنمية الكيانات الأساسية له. أمل وإرادة يعيشها يوما بيوم حالما بغد أفضل مؤمنا بقدرته وإمكانياته على كسر المعاناة والوقوف بوجه من يظلمه، مواصلا محاولاته للحصول على اعتراف دولي بحق تقرير مصيره وسيادة أراضيه واستقلاله.