الساحر (نتانياهو): النجاح والإخفاق

اكتسب (بنيامين نتانياهو) لقب «الساحر» في عديد الأدبيات السياسية الإسرائيلية. وفي محاولاته لكسب الأصوات في انتخابات الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) سعى (نتانياهو) إلى شيطنة فلسطينيي 48، فـ «تميزت» الانتخابات الليكودية التي قادها شخصيا بالتحريض العنصري الممنهج ضد هؤلاء الأخيرين. وقد قال بالحرف: «لا نقبل أن تكون الحكومة مستندة على أحزاب عربية، معادية للدولة، أحزاب ترفض مجرد وجود إسرائيل. أحزاب تعظم وتمجد (المخربين) ممن يقتلون جنودنا، مواطنينا وأولادنا. هذا لا يعقل».

الحملة التحريضية العنصرية التي شنها (نتانياهو) لم تستهدف فقط نزع شرعية الناخب العربي فحسب، بل خوف (نتانياهو) من إمكانية حصول منافسه الأول حزب «أزرق – أبيض» على دعم «القائمة المشتركة» العربية، وهذا ما حصل، رغم رفض «التجمّع الوطني الديمقراطي» أحد أطراف «القائمة المشتركة» دعم (غانتس) ما رجح كفة (نتانياهو) بعدد أصوات من أوصوا به لتشكيل الحكومة.

وبحسب «هآرتس» قبل يومين فقط: «لم يحظ غانتس بتأييد يستحقه من جانب القائمة المشتركة، بل جاء ذلك «بفضل» حكم نتانياهو الفاسد والمفسد، والذي وسم العرب في إسرائيل بالعدو الداخلي، والطابور الخامس، والمتواطئين الخطرين مع الإرهاب». وتبقى حقيقة أن تحريض (نتانياهو) المذكور فتح شهية الفلسطينيين على التصويت. ففي مقارنة بسيطة: «كانت نسبة العرب الذين صوتوا في انتخابات نيسان الماضي 49.2%، فيما ارتفعت في انتخابات أيلول إلى 59.1%، بينهم 82.3% صوتوا للقائمة المشتركة».

في السياق، وعلى نحو لافت، أشارت أسرة تحرير «هآرتس«: «يواصل نتانياهو عمدا المطابقة بين كفاح الأقلية العربية في اسرائيل من أجل المساواة وبين الارهاب، وكأنهما أمر واحد. هذا تحريض منفلت العقال ودعاية كاذبة ضدهم، اضافة الى رائحتها القومجية العنصرية التي تنم عنها فانه يستخدمها كاستراتيجية هدفها منع معسكر الوسط – اليسار من تشكيل حكومة. يحاول نتانياهو.. تشكيل حكومة يهودية (طاهرة)!!». من جهته، قال المحلل السياسي الإسرائيلي (يوسي فيرتر): «لم نشهد قط معركة انتخابية عنيفة، وكاذبة، وعنصرية، وتحريضية، مثل تلك التي أدارها نتانياهو شخصياً.

في الأيام الأخيرة، قام الرجل بهجوم جنوني، مرضي تقريباً، قوامه القفز والأكاذيب على جميع المستويات – الافتراضية والمادية… المجرم يبقى مجرماً، ويبدو أن ذلك في دمه». وختم: «لقد ازدادت حدة التحريض المجنون ليس فقط ضد الأحزاب العربية بل ضد مليوني مواطن أوفياء – بحيث ساهم بصورة مباشرة في رفع نسبة التصويت في المجتمع العربي».

لقد انتهت الانتخابات الإسرائيلية بفشل تكتل (نتانياهو) في تحقيق الـ (61) مقعدا التي يحتاجها لتشكيل حكومة ملامحها حتما لن تكون مختلفة عن سابقاتها، وإن كنا غير متفائلين بأن الحكومة القادمة ستكون أفضل سواء كانت كليا برئاسته أم لا. وفي السياق، الأمر الأهم في المسألة كون فلسطينيي 48 قد باتوا يشكلون القوة الثالثة في الكنيست. وهذا الإنجاز يحتاج منهم العمل الدؤوب، وفق برنامج وطني واضح، كي تترجم نتائجه فعليا على الأرض.

Dr.asad

كاتب وباحث عربي، ومحلل سياسي مختص في القضايا الفلسطينية وشؤون الصراع العربي الإسرائيلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى