“القضاء” في إسرائيل: إلى أين؟

“المحكمة العليا الإسرائيلية” هي رأس نظام المحاكم وأعلى سلطة قضائية في إسرائيل، وتقع تحت سلطتها القضائية عموم إسرائيل والأراضي المحتلة، ويكون حكمها ملزماً لجميع المحاكم الأخرى. ولطالما مارست هذه “المحكمة” سياسة التهويد والتطهير العرقي ضد الفلسطينيين دون أن يكون ذلك كافيا لعديد القادة السياسيين الإسرائيليين إذ يدعون إلى إحداث تغيير جذري في الجهاز القضائي بهدف تقليص دور المحكمة العليا في إلغاء قوانين سنّها “الكنيست” (البرلمان الإسرائيلي). وبمعنى آخر، يصبح بإمكان “المحكمة”، باجتماع كافة قضاتها فقط، البحث في صلاحية القوانين ومدى ملاءمتها لـ “قانون الأساس”، وإن وجد أن هذه القوانين تتعارض مع هذا الأخير، يكون إلغاؤها مشروطا بإجماع جميع قضاة المحكمة العليا، بعد أن يتوصّلوا إلى خلاصة مفادها أن هناك تناقضًا واضحًا بين قانون سنتّه “الكنيست” وبين نص من “قانون الأساس”.

أكثر من 100 خبير وأستاذ أكاديمي إسرائيلي في شؤون القانون، أصدروا بياناً أعلنوا فيه تشكيل “ائتلاف من أجل سلطة القانون” يهدف إلى الوقوف في وجه مشاريع قوانين جديدة من شأنها أن تؤدي إلى تدمير الجهاز القضائي، وإلحاق أضرار جسيمة بما يسمى “الإطار الديمقراطي للدولة”. وشدد البيان: “هذه العملية تثير مخاوف جوهرية في كل ما يتعلق بتدمير الجهاز القضائي، ولذا يتعيّن على جميع الإسرائيليين معارضتها بغض النظر عن توجهاتهم السياسية”. من جانبه، يقول الكاتب الإسرائيلي (ميخائيل فارشفسكي – ميكادو): “نهج اليمين الإسرائيلي أنهى نظامًا في الحكم ووضع أسس نظام جديد، يقوم على الإنهاء المبرمج لدور المحكمة العليا كضامنة للحريات الأساسية، ومحاربة وسائل الإعلام، واعتبار السكان العرب مواطنين من الدرجة الثانية، وإقرار جملة من القوانين العنصرية والتعسفية. كما يقوم هذا النظام الجديد في الحكم على تعزيز الطابع الديني للمجتمع وانتشار ظاهرة الفساد على نطاق واسع، والتحالف مع الحكومات الأكثر رجعية في العالم”.

على صعيد متمم وكاشف، قال وزير العدل الإسرائيلي الأسبق (دان مريدور) إن “الهجوم الحاد على الجهاز القضائي الذي يلقى دعماً كبيراً من الائتلاف المقبل لنتنياهو من شأنه أن يحوّل إسرائيل إلى دكتاتورية… فكرة أن هناك شخصاً ما فوق القانون، وألّا يتم التحقيق في شبهات ضد رئيس حكومة أو وزراء، وألّا تصل شبهات كهذه إلى المحكمة، تُحوّل إسرائيل إلى شيء آخر”. ومن جانبها، ردت رئيس المحكمة العليا (إستير حيّوت) على تصريحات وزير القضاء الإسرائيلي (أمير أوحانا) الذي اعتبر أنه “لا ينبغي تنفيذ قرارات المحكمة العليا في حالات معينة”، فقالت: “ينبغي النظر بخطورة إلى حقيقة أن وزير قضاء في دولة إسرائيل اختار أن يطلعنا على وجهة نظر قانونية غير مسبوقة وعديمة المسؤولية، نقبل بموجبها أنه ليس جميع القرارات الصادرة عن محكمة يجب احترامها، وأنه بإمكان أي أحد منذ الآن، بمباركة وزير القضاء، أن ينتقي أي قرار ينبغي تنفيذه وأيها لا ينفذ”. أما الرئيسة السابقة للمحكمة العليا القاضية (دوريت بينيش) فقد اتهمت مباشرة رئيس الحكومة (بنيامين نتنياهو) بشن هجوم حاد على المحاكم الإسرائيلية “انطلاقاً من دوافع شخصية محضة”، وأضافت: “الهجوم الحاد على الجهاز القضائي يشكل خطراً على وجود المجتمع الإسرائيلي كمجتمع منفتح وديمقراطي، وكذلك على القيم اليهودية، وقد يحوّل إسرائيل إلى دكتاتورية”.