(نتنياهو): أرحتنا.. لا أراحك الله!

في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 1947، عندما طرح إنشاء دولتين عربية وأخرى يهودية في فلسطين التاريخية، دافع المتحدثون باسم الدولة اليهودية آنذاك عما طرحه البعض المتخوف من أن تكون الدولة اليهودية المستقبلية دولة كهنوتية لا تتحمل أقليات غير يهودية. اليوم، نجح رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) في ترسيخ تلك المخاوف، فإسرائيل «الدولة الديموقراطية في محيط عربي آسن» (!!!) تتنكر لجوهرها المدني المأمول!!!

منذ انتخاب (نتنياهو) رئيسا للحكومة في أيار/ مايو 1996، نجده لا يعيق أي تقدم في سير المفاوضات السلمية مع الفلسطينيين فحسب، بل يمكن اعتباره القاتل الفعلي لما أراد العالم أن تكون «عملية سلام»، وهو ما قاله صراحة الرئيس الأميركي الأسبق (بيل كلينتون) في إحدى مقابلاته: «نتنياهو قتل عملية السلام في الشرق الأوسط.

لم يعد لها وجود منذ وصوله إلى السلطة في إسرائيل».

لا نبالغ إن قلنا أن أحد الأسباب الرئيسية لفشل كل مبادرات التسوية هو رفض إدارات (نتنياهو) المتتالية لها. (فنتنياهو) اليوم هو (نتنياهو) الأمس لكنه أكثر خطورة في ظل أحزاب جديدة أكثر يمينية، بل فاشية أظهرت الإنزياح القوي في المجتمع السياسي الإسرائيلي نحو اليمين المتطرف. ومن الواضح أنه سيكون لهذه الأحزاب وزنها في حكومته الائتلافية المتوقعة التي من المرجح أن تكون حكومة أكثر يمينية من سابقتها التي عدت الأكثر يمينية في تاريخ «إسرائيل»، مع تأكيدات بعدم انضمام أحزاب تدعم وبشكل مباشر حل الدولتين.

لا داعي لتعداد القوانين التي صدرت والجرائم التي نفذت في عهد حكومات (نتنياهو)، فهي أكثر من أن تحصى. ففي كل انتخابات شارك ونجح فيها استطاع (نتنياهو) شحن الأجواء بالعنصرية والتحريض الفاشي. والانتخابات الأخيرة بالذات، أظهرت أن كثيرا من المرشحين تقمصوا دور (نتنياهو) في عديد المواقف التي «امتاز» بها عن غيره، من نوع أن الضفة الغربية والجولان السوري المحتلان جزءان من «إسرائيل»… وغيرها الكثير. ومن جهته، تقمص مواقف الأحزاب الأكثر إفراطا في التوسعية والعنصرية والفاشية.

مع قرب تشكيل (نتنياهو) حكومته الجديدة، يتضح أن أي آمال متبقية في «حل الدولتين» ذهبت أدراج الرياح، فهو لم يقل أو يفعل أي شيء لصالح ذلك الحل، بل إنه فعل العكس بالضبط! نعم حل الدولتين «ذهب بلا رجعة»، و(نتنياهو) الرافض لحل الدولتين وطروحات الأحزاب المؤيدة له، تتفق معه في رفض حل الدولتين وتأييد الاستعمار/ «الاستيطان»، بل إنها جميعا باتت ترى في هضبة الجولان المحتلين وكذلك الضفة (أو أجزاء واسعة منها) جزءاً لا يتجزأ من «إسرائيل».

لقد «أراحنا» (نتنياهو) حين أعلن صراحة في لقاء أجرته معه صحيفة «إسرائيل اليوم» إنه وضع ثلاثة شروط بخصوص «صفقة القرن» وهي إبقاء كافة المستعمرات/ «المستوطنات»، وسيطرة إسرائيلية كاملة على الضفة الغربية، وعدم تقسيم القدس. الآن، وبعد أن باتت الصورة، إسرائيليا، أكثر وضوحا، جاء دور الشعب الفلسطيني ليرتاح من وهم مع هكذا طغمة، ثم ليقول كلمته!!!