هل يعاقب الشهيد/ الأسير/ الجريح الفلسطيني من جديد؟

ضمن سلسلة إجراءات تستهدف المساس بقدسية نضال الشهداء والأسرى والجرحى، بدأت سلطات الاحتلال الإسرائيلي باقتطاع قيمة المخصصات المالية لهؤلاء جميعا من عائدات الضرائب التي تجمعها دولة الاحتلال نيابة عن/ ولصالح السلطة الوطنية الفلسطينية، مستهدفة الضغط على القيادة الفلسطينية ليس لمصادرة تلك المخصصات فقط بل للقبول بما يسمى “صفقة القرن”!

لا خلاف، على أن حرب العقوبات المالية على الشعب الفلسطيني هي إرهاب سياسي ومالي للمساومة على ما تبقى من الحقوق الفلسطينية. فالمادة (81) من اتفاقية جنيف (1949) تلزم إسرائيل – بصفتها تعتقل أشخاصاً محميين – بإعالتهم مجاناً وتوفير الرعاية الطبية، ولا يخصم أي شئ لسداد هذه المصاريف من مخصصات المعتقلين أو رواتبهم أو مستحقاتهم. بل تشدد المادة (81) على أن “تعول الدولة الحاجزة الأشخاص الذين يعولهم المعتقلون إذا لم تكن لديهم وسائل معيشة كافية أو كانوا غير قادرين على التكسب”. وعلاوة على ذلك، “يجوز للمعتقلين أن يتلقوا إعانات من الدولة التي يكونون من رعاياها، أو من الدول الحامية، أو من أي هيئة تساعدهم، أو من عائلاتهم”.

كذلك، تضيف سلطات الاحتلال بقرارها آنف الذكر، خرقاً جسيماً لاتفاقية باريس الاقتصادية التي تلزم دولة الاحتلال بجباية الأموال الفلسطينية مقابل ما نسبته 3% من عائدات الضرائب التي تمثّل أكثر من 50% من واردات الخزينة الفلسطينية، التي تسد نحو 70% من المصاريف الجارية للسلطة ورواتب موظفيها. وللعلم، تدفع السلطة الفلسطينية شهريا 400 دولار لعائلة المعتقل الذي يقضي عقوبة تقل عن ثلاث سنوات، و1200 دولار للمعتقل الذي تتراوح عقوبته ما بين ثلاث سنوات وخمس، يرتفع الراتب مع ارتفاع مدة الحكم بحيث يصل الى 2200 دولار لمن يحكم بفترة سجن ما بين 18-20 عاما. وهذه المساعدات هي بادرة دعم رمزية وحيوية للعائلات لطالما حذرت مؤسسات حقوقية فلسطينية من أزمة في المجتمع الفلسطيني في حال التعرض لها. فراتب الأسير والشهيد حق إنساني أخلاقي وليس منة من أحد، وهذه القضية محسومة لدى كافة القوى الفلسطينية على اختلافها منذ بداية “التسوية”. ولقد أصاب الرئيس الفلسطيني، في تصريحات له خلال لقاء مع وفد من الكونغرس الأمريكي عن الحزب الديموقراطي وأعضاء في مجموعة “جي ستريت” حين قال: “نرفض استلام الأموال منقوصة، لا نريدها، لو كان عندنا فقط عشرين مليون أو ثلاثين مليون شيكل وهي ما يدفع لعائلات الشهداء، سندفعهم لعائلات الشهداء”.

تطبيق القانون الإسرائيلي بمصادرة ذلك الجزء من المخصصات يلاقي معارضة من المؤسسة الأمنية الإسرائيلية التي تخشى من أن يؤدي ذلك إلى زعزعة الاستقرار في الضفة الغربية وبالتالي إلى مزيد من التدهور الانساني في قطاع غزة. ونقلت صحيفة “يديعوت أحرنوت” عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين تحذيرهم: “سيؤدي (القانون) الى المساس بالنشاطات الاستخباراتية لأجهزة أمن السلطة، وبالتالي للتصعيد في الضفة بعد التخفيف عن حماس والجهاد الإسلامي للقيام ببناء قواعد للصواريخ بالضفة خلال 6 شهور”. وختم هؤلاء: “في حال قيام السلطة بقطع رواتب الأسرى والشهداء بالضفة، سيؤدي ذلك الى اندلاع موجة انتقادات واحتجاجات، ستؤدي الى انهيار السلطة خلال 24 ساعة”.

لا يمكن الفصل بين قرار إسرائيل بحجز جزء من أموال الضرائب، وقرار الولايات المتحدة بوقف المساعدات المالية للفلسطينيين. والفلسطينيون يدركون أن الضغط السياسي الأمريكي/ الإسرائيلي على السلطة لوقف تمجيد (ودعم عوائل) الشهيد والأسير والجريح محاولة لاستهداف الوعي والنضال الفلسطينيين، الأمر الذي لا يمكن معه لأي فلسطيني، كائنا من يكون، الموافقة على وقف الدفعات للأسرى وعائلات منفذي الهجمات.