(نتنياهو) وتمازج الإنجاز مع الإخفاق
تدل نتائج استطلاعات الرأي الإسرائيلية على استمرار تراجع شعبية رئيس الوزراء (بنيامين نتنياهو) الذي يستغل كل فرصة للحديث عن إنجازاته الأمنية والسياسية وتعاظم قوة إسرائيل في مختلف المجالات وبخاصة العسكرية منها. ومع الاعتراف بأن “إنجازاته” كثيرة، صحيح أيضا أن هذه “الإنجازات” تتمازج على نحو ملفت مع “إخفاقات” لا يمكن تجاهلها:
- رغم أهمية قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة بالنسبة (لنتياهو) فإن الإخفاق تجلى في أن عددا قليلا من الدول قد تبناه بل وقوبل القرار بمعارضة عالمية، تاركا تداعيات جذرية على العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وبين منظمة التحرير الفلسطينية/ الطرف الوحيد المخول لاتمام تسوية كبرى “يستقتل” الرئيس (ترامب) للوصول إليها.
- رغم توطيد العلاقات الإسرائيلية مع دول لطالما وقفت ضد الدولة الصهيونية في الأمم المتحدة، ورغم قيام (نتنياهو) بزيارات تاريخية هنا وهناك، فإن هذا الأخير فشل في لجم الاعتراف بدولة فلسطين حتى من دول صديقة ومقربة لإسرائيل كما حدث، مثلا، مع كولومبيا.
- رغم العلاقات القوية مع القيادات الشعبوية في أوروبا التي راهن (نتنياهو) على وقوفها ضد قرارات مؤيدة للفلسطينيين اعتاد “الاتحاد الأوروبي” اتخاذها، ما زالت الانتقادات تتوالى من “الاتحاد” ليس آخرها قرار تجديد المعارضة الشديدة لخطط الاستعمار/ “الاستيطان” الإسرائيلي وإخلاء المنازل الفلسطينية في القدس الشرقية.
- رغم تباهي (نتنياهو) بقرار (ترامب) إلغاء الاتفاق النووي مع إيران وفرض عقوبات جديدة عليها، فإن المحصلة تجسدت في فشله إقناع حلفاء أمريكا من الدول الأوروبية (ناهيك عن غيرها) كي تحذو حذو واشنطن.
- رغم “إنجازه”، المتواتر الحديث عنه، في تطبيع العلاقات مع دول عربية و/ أو التقارب مع دول إسلامية، و”نجاحات” حققها في كل من دول إفريقيا وأمريكا اللاتينية وكذلك آسيوية على رأسها الهند، فشل (نتنياهو) في مواجهة حركة “المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل (بي دي إسBDS )”، بل إن كل مخططات حكومته لوقف نجاحات الحركة باءت بالفشل وأدت إلى تعاظم قوة تلك “الحركة”.
- أما بالنسبة لتمازج الإنجازات مع الإخفاقات في داخل إسرائيل، فإن اعتبار (نتنياهو) إقرار “قانون القومية” العنصري أحد أكبر إنجازاته التشريعية (إضافة إلى قوانين أخرى مثل “تقويض المحكمة العليا” الذي يهدف في الأساس “تشريع” الاستعمار/ “الاستيطان” وضم الضفة الغربية) فإن الواقع يؤكد حقيقة أن هذه التطورات تمثل شواهد بارزة على فاشية ما فتئت تزدهر في المجتمع الإسرائيلي، الأمر الذي يرتد سلبا على إسرائيل سواء في العالم الغربي أو بين يهود العالم.
- كذلك، تحول قطاع غزة إلى معضلة تواجهها حكومة (نتنياهو) حيث فشلت في إيجاد حلول لها، خاصة وأن العديدين في إسرائيل اعتبروا نتائج الجولة العسكرية الأخيرة في التصعيد الإسرائيلي انتصارا لحماس، وتواكب ذلك مع استقالة وزير الحرب (أفيغدور ليبرمان) احتجاجا على وقف إطلاق النار، كلها وقائع أدت إلى هز الاستقرار السياسي وصولا إلى تبكير الانتخابات.
في استطلاع أجرته القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي، قال “58% من الإسرائيليين أنهم ليسوا راضين عن أداء (نتنياهو) كرئيس حكومة وكوزير للأمن، فيما قال 7% فقط أنهم “راضون جدا”، وأجاب 26% بأنهم “راضون إلى حد ما، و25% قالو إنهم “غير راضين”، فيما اعتبر 33% أنفسهم “غير راضين على الإطلاق”، فيما اختار 9% من المستطلعة آراؤهم الإجابة بـ”لا أعرف”. وفي مقال لافت في هذا السياق، كتب المحلل السياسي الإسرائيلي (إيتمار أيخنر): “يتباهى رئيس الحكومة بأنه جعل من إسرائيل قوة عالمية صاعدة. وفي نهاية ولاية استمرت 4 سنوات، حقق نتنياهو عدداً غير قليل من الإنجازات، لكن أيضاً عدداً غير قليل من الإخفاقات”.