“المتمسيحون الصهاينة” فكر داعشي بامتياز
“داعش” فكر لاهوتي “إسلاموي” يعتنقه أي متطرف. ونحن نجد مثل هذا الفكر الشاذ في كل دين، ونراه في كل طائفة، ونسمع صوته عند كل معتقد. والمؤمنون بهذا الفكر يدعون أنهم وحدهم يعرفون الله! ومن بين هؤلاء يظهر نبت شاذ تعددت أسماؤه من “الإنجيليين”، هم أفنجيليكيون متزمتون، وهم “صهاينة جدد” أو “صهاينة متمسيحون” (أي لا علاقة لهم بالمسيحية) أو “داعشيون متمسيحون” بات دعمهم شبه المطلق واضحا لإسرائيل من منطلق إيمانهم واتباعهم الحرفي المنحرف لنصوص الكتاب المقدس: فقيام “دولة إسرائيل” تحقيق لنبوءات الإنجيل، وأرض الميعاد ممتدة من نهر الأردن وصولاً الى البحر الأبيض المتوسط هي حصرا (للشعب) اليهودي وعدهم الله بها!!!
الأفنجيليكيون هم مجموعة من “المذاهب” البروتستانتية التقليدية لا تؤمن بالحداثة والتجديد، وتؤمن بأن خلاص البشرية يأتي عبر الإيمان الصافي بالمسيح المخلص، وهم بحسب إحصائيات أمريكية أزيد قليلا من نصف مجموع السكان البروتستانت في الولايات المتحدة (البالغ 26%). وكانت بداية تأثيرهم على السياسة الأمريكية، مع اتخاذهم مواقف سياسية يزعمون أنها مبنية على العقيدة والإيمان، حيث دعموا كليا ترشيح الجمهوري المحافظ (رونالد ريغن) للرئاسة عام 1980، وجددوا دعمهم له عام 1984، معززين انتماءهم للحزب الجمهوري حيث برز شأنهم في الحياة السياسية الأمريكية منذئذ. ومؤخرا، أسهموا بقوة في إيصال (دونالد ترامب) الى البيت الأبيض فمنحوه 81% من أصواتهم في انتخابات 2016، ثم أسهموا كثيرا في قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس. وبحسب المؤرخة الأمريكية (ديانا باتلر)، فإن القرار “جاء بغية حصد المزيد من الدعم من الجماعات الدينية الأصولية، وخاصة المسيحيين الإنجيليين أو (المسيحيين الصهاينة)”.
إن مسؤولين كبارا في إدارة الرئيس (ترامب) هم من الأفنجيليكيين. ومن أبرزهم فريق (ترامب) في الشرق الأوسط، عبارة عن مجموعة من “الداعشيين المتمسيحين”، يقودهم نائب الرئيس (مايك بنس) “الإنجيلي”، والسفير في تل أبيب (ديفيد فريدمان)، والمبعوث الخاص للشرق الأوسط (جيسون جرينبلات) وهم “ليكوديون متطرفون” أكثر من “الليكود” نفسه حيث تبنوا ودعموا برامجه الموغلة في التطرف. ويتأتى دعمهم لإسرائيل أمريكيا – سياسيا واقتصاديا وعسكريا وإعلاميا – من منطلق ديني لاهوتي قبل أن يكون موقفا سياسيا، ويؤسسون “دينهم الخاص” على المعتقد المسيحاني بأن الدعم غير المشروط لإسرائيل “سيعجل عودة يسوع المسيح إلى الأرض”، في سياق تحقيق نبوءات العهد القديم!!!
وإذ أدرك اليمين الإسرائيلي المتطرف هذا الحال، بادر إلى استغلاله لتحقيق مكاسبه. وها هو وزير التربية المتطرف (نفتالي بينيت) يعرب عن سروره وارتياحه للعلاقة القائمة بين الأفنجيليكيين الأمريكيين والدولة الصهيونية، موضحاً أنها “فرصة لإسرائيل علينا استغلالها لتأمين مصالح دولتنا وأمنها”. من جهته، اعتبرهم سفير إسرائيل في الولايات المتحدة (رون ديرمر) “العمود الفقري للدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة إلى إسرائيل”، وبالذات في موضوع المستعمرات/ “المستوطنات” حيث بعبارات (آهرون كتسوف) مؤسس جمعية “قلب إسرائيل”: “كلما تعرفت على إنجيليين أكثر خلال السنوات الماضية، أدركت مدى تعطشهم إلى العلاقة مع المستوطنات. هم حليفنا الأكبر”.