تصعيد إسرائيلي في الشمال… وضربة في الجنوب؟

من عادة رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) أنه كلما واجه معضلة داخلية هرب منها إلى مشكلة خارجية يجمع عليها بطريقة “ساحرة” الأطياف الحزبية على اختلافاتها. و(نتنياهو) اليوم يواجه معضلتين داخليتين كفيلتين بإسقاط حكومته خاصة في ظل أغلبية بسيطة لا تتعدى “الواحد” في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي): الأولى قوامها ملفات الفساد التي يواجهها، حيث أعلن المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية (أفيحاي مندلبليت) إنه “سيحسم قراره بشأن قبول توصيات الشرطة محاكمة نتنياهو وزوجته في “الملف 4000” أو رفضها،  في أسرع وقت ممكن”، والثانية تتجلى في تسارع الدعوات لاستقالته وتقديم الانتخابات بعد الهزيمة السياسية والمعنوية الأخيرة في قطاع غزة والتي أدت لاستقالة وزير “دفاعه” (أفيغدور ليبرمان).

في حمأة الأزمة الداخلية، أكد (نتنياهو) أن عملية “الدرع الشمالي” التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي ضد أنفاق “حزب الله” شاملة وستستمر، متهما “الحزب” بالتخطيط “لاحتلال” عناصره أجزاء من منطقة الجليل الأعلى بالتسلل عبر الأنفاق المكتشفة شمال فلسطين المحتلة. وهنا، نستنتج، مع غيرنا، بأن تلك التحركات الإسرائيلية مرتبطة بالمعضلتين اللتين يواجههما (نتنياهو) داخليا وبالتالي محاولته للتغطية على وضعه في الداخل الإسرائيلي. وهذا ما أشار إليه المحلل في صحيفة “معاريف” (أريك بندر) حين كتب: “أحزاب المعارضة الإسرائيلية المؤيدة لعملية “الدرع الشمالي” أبدت دهشتها من توقيت العملية، وتساءلت ما إذا كان الهدف الرئيسي توفير درع لنتنياهو لحمايته من الانتقادات الموجهة إليه على خلفية تراجعه أمام حركة حماس”. وقد وجه رئيس كتلة “المعسكر الصهيوني” البرلمانية (يوئيل حسون) رسالة إلى رئيس لجنة الخارجية والأمن البرلمانية (آفي ديختر) “الليكود” كتب فيها: “تطلب المعارضة أجوبة. هل هذه عملية الدرع الشمالي أم عملية درع واق لنتنياهو؟ هل توقيت هذه العملية أتى مصادفة، أم أنه توقيت مشبوه لصرف الأنظار عن الملف 4000، من أجل تعزيز صورة نتنياهو بصفته حامي حمى أمن إسرائيل؟”. ومن جهته، قال رئيس كتلة “يوجد مستقبل” البرلمانية (عوفر شيلح): “نتنياهو يحاول زرع الخوف في أوساط الرأي العام الإسرائيلي كي يصرف الأنظار عن شبهات الفساد التي تحوم حوله”. أما (عومر بار – ليف) “المعسكر الصهيوني”، فقال: “إنها تشكل بالنسبة إلى نتنياهو حجة لتبرير تراجعه أمام حماس قبل عدة أسابيع”.

يؤكد خبراء أن أنفاق “حزب الله” لا تقلق إسرائيل كثيرا في هذه اللحظات وبالذات لأنه ما من أحد معني بالتصعيد، بل إن الجيش الإسرائيلي أعلن صراحة أن “الحرب ليست على الأبواب”. ولأن قطاع غزة ما يزال الخاصرة الأضعف التي لن يبالي كثيرون بتعرضها للعدوان كلما أحست الحكومة الإسرائيلية بحاجتها لتهدئة وضعها الداخلي. ولأن الضربة السياسية/ المعنوية الأخيرة جاءت من “القطاع” وأحدثت مفاعيلها في إسرائيل، فإن ثمة خشية من أن يكون التركيز الإعلامي والتحشيدي “التظاهري” العسكري الجاري حاليا في الشمال… هدفه الضرب في الجنوب، أو في الحد الأدنى، توفير “درع واق لنتنياهو”؟.